نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا عن مخاوف الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويأتي القلق رغم أن الانتخابات لن تعقد إلا بعد ستة أشهر، ولكن سلسلة من الاستطلاعات والطريقة الشاذة التي أدار فيها الرئيس دونالد ترامب المؤتمرات الصحافية الليلية، قبل إعلانه عن وقفها، جعلت الجمهوريون يشعرون بالعصبية.
وفي التقرير الذي أعده جوناثان مارتن وماغي هابرمان، قالا فيه إن الطريقة السيئة التي أدار فيها ترامب أزمة فيروس كورونا والوضع الإقتصادي المتردي، وتراجع شعبيته، جعلت الجمهوريين في حالة من العصبية، وأنهم في خطر خسارة الرئاسة ومعها مجلس الشيوخ، لو لم يقم الرئيس بوضع أمريكا على طريق أفضل.
وبدا التحدي للجمهوريين واضحا من خلال تقديم 26 مليون أمريكي بلاغات قالوا فيها إنهم ما عادوا يعملون ويحتاجون للمساعدة الحكومية. ويبدو وضع ترامب في الولايات التي حملته للرئاسة عام 2016 مترنح.
وتظهر الاستطلاعات الجديدة أنه خسر شعبية واسعة في ميتشغان وبنسلفانيا وبفارق ضئيل في فلوريدا التي يجب عليه الفوز بها. وجمع الجمهوريون تبرعات انتخابية أكثر من الجمهوريين في الربعية الأولى من انتخابات الكونغرس المهمة، وذلك حسب آخر تقارير للحملات الإنتخابية.
وفي الوقت الذي يتقدم فيه ترامب على منافسه المفترض جوزيف بايدن، إلا أن المتبرعين الديمقراطيين بدأوا بالتركيز على الانتخابات العامة، ويخطط عدد من المتبرعين الكبار للإنفاق بشكل كبير نيابة عن الحزب.
وتقول الصحيفة إن الميزة التي يتمتع بها ترامب على منافسه وهي الوصول إلى الرأي العام والتنمر على الجميع أصبحت منبرا للخراب الذاتي. فقد أصبحت المؤتمرات الصحافية اليومية التي يعقدها يوميا حول فيروس كورونا سببا في تدمير موقفه السياسي. ويعتقد بعض الجمهوريين أن تعليقاته الأخيرة حول معالجة فيروس كورونا بالتشمس وتناول المطهرات كانت نقطة التحول لدى المسؤولين الكبار في الحزب.
وفي مساء الجمعة، ظهر ترامب في مؤتمر صحافي قصير دونما أي أسئلة، كوسيلة للتقدم أماما. وقال مسؤول الاستطلاعات الجمهوري المجرب غلين بوغلر، إن الصورة أصبحت كئيبة جدا لترامب اليوم مقارنة مع الصورة قبل اندلاع أزمة وباء كورونا.
وقال بولغر: “مع استمرار انهيار الإقتصاد، بات الجمهوريون يواجهون مناخا أكثر تحديا وهو تحول كبير عما كنا عليه قبل عدة أشهر” و”أصبح الجمهوريون أكثر غضبا وتم سحل أسس الحملة من تحت أقدامنا”.
وعادة ما فسر المستشارون والحلفاء نوبات الغضب التي تعتري الرئيس أثناء لقاءاته الصحافية بأنها نتاج لأحداث خارجية، مثل التحقيق الذي استمر عامين حول علاقة حملته الإنتخابية بالتدخل الروسي. لكنهم لم يعودوا يوضحون سبب تصرفات ترامب الغريبة على المنصة أو يتدخلون للحد منها.
وقال النائب الجمهوري عن أوكلاهوما، توم كول، إن على الرئيس تغيير نبرته وتقديم رسالة أبعد من الحديث عن مظالم الحملة الإنتخابية. وأوضح: “يجب أن يكون لديك أمل كي تبيعه للناس” و”لكن ليس لدى ترامب سوى الغضب والانقسام وأننا الضحايا”.
ولا يزال هناك ستة أشهر على الانتخابات، ويأمل الكثير من الجمهوريين بتغيير حركية الحملة الإنتخابية حالة دخل جوزيف بايدن السباق وأصبح تحت الأضواء. وعندها يعتقد الجمهوريون أن بإمكان الرئيس إعادة تسويق نفسه كرجل قادر على بناء الاقتصاد ولن تكون الانتخابات بالضرورة هي استفتاء على شخصيته.
وقال ترامب بداية هذا الشهر: “لقد بنينا أعظم اقتصاد في العالم وأستطيع عمل هذا مرة ثانية”. إلا أن موقف الرئيس في الاستطلاعات الأخيرة أثارت مخاوف الجمهوريين، خاصة أن بايدن تقدم فيها في كل ولاية مرجحة. كما أظهرت الاستطلاعات أن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين يتأخرون عن المرشحين الديمقراطيين المحتملين في كولورادو ونورث كارولينا وأريزونا ومين، أو في تنافس حاد معهم.
ولو خسر الجمهوريون هذه الولايات وفازوا بألأباما، فسيسطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ لو فاز بايدن. وقال المستشار الجمهوري المخضرم تشارلس بلاك: “يجب أن يدير حملة انتخابية قوية كي نحتفظ بمجلس الشيوخ” و”قلت دائما أننا الأحسن ولكنني لا أستطيع قول هذا الآن، ووسط هذا الوضع الذي لا يمكن التكهن به”.
وتقول الصحيفة إن نتائج استطلاعات مسحية في 17 ولاية قامت بها اللجنة القومية للحزب الجمهوري، أثارت دهشة الجمهوريين. ووجدت أن وضع الرئيس ليس جيدا في الهيئات الانتخابية، ومن المؤكد خسارته لو لم يتحسن الاقتصاد في الخريف. وكشفت حملة ترامب الانتخابية نفس التراجع في دعم للرئيس، وذلك حسب أربعة أشخاص على معرفة بالبيانات، خاصة أن فيروس كورونا لا يزال الموضوع الأول الذي يقلق الناخبين.
ولكن الاستطلاعات المبكرة ليست محددة، ففي عام 2016 كانت هيلاري كلينتون متقدمة في الكثير من الولايات قبل تشرين الثاني/ نوفمبر. ولكن أمل الرئيس الفوز في ولاية مينسوتا التي خسرها عام 2016 يظل صعبا.
ففي استطلاع أجراه السناتور الديمقراطي تيم سميث، وجد أن الرئيس متأخر هناك بعشر نقاط. وتظهر البيانات الخاصة لدى الحزبين في الإستطلاعات التي قاما بها الأسبوع الماضي، ثلاثة في بنسلفانيا واستطلاعان في ميتشغان، وكشفت عن خسارة الرئيس بهامش ضيق من الخطأ.
وبالنسبة للكثير من الجمهوريين، فإن هذا الوضع يذكرهم بأخر مرة فازوا فيها بالانتخابات. ففي عام 2006 سيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ والنواب بسبب عدم ارتياح الرأي العام لحرب العراق التي شنها الرئيس جورج دبليو بوش، وبعد عامين فازوا بالرئاسة نظرا للأزمة الاقتصادية عام 2008.
ويقول بيلي بايبر، مسؤول طاقم ميتش ماكونيل سابقا، ويعمل حاليا في اللوبي: “يبدو الوضع مشابها جدا لدورة 2008”.
ولكن هناك العديد من العوامل ستحدد النتائج، منها حدوث موجة جديدة من وباء كورونا في الخريف، ووضع الاقتصاد، والكيفية التي سيقود فيها بايدن الحملة الانتخابية، فهو لا يزال بعيدا عن الأضواء تاركا ترامب يعاني من تداعيات أزمة فيروس كورونا.
ولكن الجمهوريين الذي يعزون أنفسهم بالأوضاع غير الواضحة، تعلموا درسا واحدا من طريقة جمع الديمقراطيين للتبرعات والتي قادت لفوزهم في الانتخابات النصفية.
فمعظم النواب الديمقراطيين لديهم تفوق مالي على منافسيهم الجمهوريين الذين عانت حملاتهم بسبب طغيان موضوع كورونا. ويواجه هؤلاء مشاكل في مجلس الشيوخ نابعة من غضب الرموز المؤثرة في الكابيتال هيل، حيث لم يعد هناك تعاون بين كبار الإستراتيجيين في الكونغرس ومستشاري ترامب في البيت الأبيض لتركيزهم على فيروس كورونا.
ففي حملة انتخابية يحركها ترامب، ومعها تأتي التبرعات وتحصد البيانات، ستظل مكاتب الحملة مغلقة لمدة اسبوعين، وقال مسؤولون إن مدير حملة ترامب براد بارسكيل، لم يزر البيت الأبيض منذ شهر، مع أنه كان على اتصال معهم عبر الهاتف.
ولكن المشكلة الكبرى للجمهوريين هي سلوك الرئيس. ففي الأسبوع الماضي، تجاوز نصائح مستشاريه وخطط لحملته بالهجوم على بايدن وعلاقته بالصين، عندما قام وبشكل مفاجئ بوقف الهجرة، وقال إن على حكام الولايات عدم التسرع بفتح اقتصاد الولايات، مع أنه دعا قبل ذلك بأسبوع المحتجين للخروج والمطالبة بتخفيف الإغلاق، وهذا قبل الدخول في نفق علاج المرض بالمطهرات.
وأصبح أعضاء مجلس الشيوخ يتابعون مؤتمرات الرئيس الصحافية برعب بعدما كانوا يراقبونها بصمت الغاضب. وقال السناتور الجمهوري عن أوريغن غريغ وولدن: “أي واحد منا يستطيع الظهور على المنصة لمدة طويلة” و”لكن هناك عامل الحرق مهما كنت وعليك التفكير بهذا”.
ولا يقلل القادة البارزون من المخاطر التي يحدثها ترامب في مؤتمراته الليلية. وقال عضو بارز في الحزب إن المؤتمرات مزعجة بدرجة لا يمكنه مشاهدتها.
وقال النائب الديمقراطي عن نيويورك بيتر كينغ: “أحث الرئيس على التركيز على الجانب الإيجابي، وما فعله وكيف سنقوم بالتحضير للوباء في الخريف”.
نقلا عن القدس العربي