“مصائب قوم عند قوم فوائد” انطبق هذا المثل على أرض الواقع السورية وخاصة بالنسبة لقطاع العقارات في ظل الحرب القائمة منذ خمس سنوات إلى الآن، فارتفعت العقارات بكافة عملياتها من بيع وشراء وآجار، إلى أضعاف أسعارها في المناطق الآمنة التي يقصدها الناس للإقامة بعد ترك مناطقهم الساخنة.
في مراكز المدن الرئيسية أضحت الأسعار خيالية، ولم يعد الراتب الذي يتقاضاه الفرد الموظف أو العامل ذا قيمة أمامها، فما حال النازح إلى تلك المناطق الآمنة إلا أشد سوءاً من المواطنين الأصليين.
في دمشق المنزل الذي كان يؤجر بعشرين ألف ليرة سورية أصبح يؤجر بمئة ألف ليرة، حيث أكد الباحث في الشؤون الاقتصادية يوسف أن دمشق هي الأكثر ارتفاعا في أسعار العقارات فقد زادت العقارات بالنسبة للبيع أربعة أضعاف، والإيجارات ستة أضعاف عما كانت عليه قبل الأزمة، بحسب ما ذكر في موقع ويكيبيديا.
أما في مدينة اللاذقية فالوضع ليس بأحسن حال عن سابقتها، كيف لا وهي مدينة سياحية وأسعارها مرتفعة قبل الأزمة، ففي ظل الأزمة ارتفعت أضعافا بغض النظر عن الحالة المادية للمستأجر وظروفه المحيطة سواء كان طالب أم نازح أم فقير، بحكم أنها مسقط رأس النظام السوري والمحافظة الأكثر أمنا وأماناً. صباح طالبة بجامعة تشرين تقول:” لقد استأجرت بيت مع صديقاتي الأربعة أجاره شهريا 60 ألف، رغم أنه مجهز بشكل طبيعي وينقصه أمور عدة، وعائلتي نزحت من الرقة إلى الشام وتدفع أيضا شهريا50ألف”.
فتخيل حجم المعاناة الملقاة على أولئك الأفراد الذين أفقدتهم الحرب أغلى ما يملكون من منازل وأملاك، فلم تتوقف المصيبة عند هذا الحد، بل أضافوا لهم تجار الأزمة هماً جديداً عند رفعهم للأجور بهذا الشكل الكبير، فحتى المناطق البعيدة نسبيا عن مراكز المدن صحيح أن أسعار إيجاراتها أقل بنسبة 10% على لسان الباحث يوسف، إلا أنها تعتبر مرتفعة بالنسبة لهم.
بالانتقال للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام والتي يعتبر بعضها هادئ نسبيا لقربه من الحدود التركية كبلدة سرمدا وسلقين بريف إدلب، أو لوجود هدنة بين الاطراف المتصارعة، العقارات أيضا مرتفعة بعض الشيء من قبل التجار المستغلين لكنها أخفض بقليل من مناطق النظام، فمثلا مدينة إدلب وريفها الآن مع استمرار الهدنة واشتداد المعارك بريفي حماة وحلب الجنوبي ونزوح مئات العائلات إليها، يقول أبو محمد تاجر في العقارات:” أضحى الحد الوسطي لآجار المنزل المفروش من 15-20 ألف، والغير مفروش من 8-10آلاف”.
لعل اقتراح حلول لهذا الغلاء أمر غير ممكن، بما أن قطاع العقارات بات خارج عن سيطرة القانون بسبب الانفلات الأمني نتيجة الحرب، ليصبح التاجر الجشع هو من يحكم الإيجارات وأسعارها ويبتز المستأجر سواء من خلال رفع الأسعار أو تحديد مدة عقد الإيجار بثلاثة أشهر على الأكثر ويقوم برفع الإيجار بعدها بنسبة15% كما حدده الباحث يوسف، إضافة لارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، الذي يؤدي لزيادة أسعار الإيجارات بشكل مستمر لصالح التجار.
لكن هل سيبقى اقتصاد العقار في الأزمة السورية نعمة على التجار المستغلين، ونقمة على ذاك الشعب الفقير المنهك من جميع نواحي الحياة خلال الحرب الدامية؟؟ علما أن 18مليون سوري يعيشون عند مستوى خط الفقر بحسب آخر إحصائية لمنظمة “الأسكوا”.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن.