بينما تتجه أنظار العالم نحو جنيف ونتائج المفاوضات المرتقبة بين وفدي النظام والمعارضة السوريين، يرزح الآلاف في غوطة دمشق الشرقية المحاصرة تحت خطر الموت والأمراض المعدية بسبب منع قوات النظام إدخال اللقاحات الأساسية منذ عدة أشهر.
ففي يوليو/تموز الماضي، دخلت آخر دفعة من اللقاحات إلى الغوطة الشرقية عبر منظمة “الهلال الأحمر العربي” السوري عبر المعبر الوحيد للمنطقة وهو معبر مخيم الوافدين الواقع تحت سيطرة قوات النظام، ولم تكف تلك الدفعة سوى أقل من نصف الأطفال المحتاجين للقاحات، وذلك بحسب بيان لشعبة دوما التابعة لمنظمة الهلال الأحمر، نشر على صفحتها على موقع فيسبوك.
وأكدت المنظمة في بيانها انتشار أمراض كالسل والتهاب الكبد بسبب عدم حصول المرضى على اللقاحات اللازمة، ونفاد الكميات الموزعة خلال الأشهر الماضية على مستوصفات ومراكز الغوطة.
ووفق تقديرات المكتب الطبي بالغوطة الشرقية والطبيب مأمون أحد العاملين في المكتب، فإن قوات النظام تحاصر أكثر من أربعمئة ألف مدني داخل الغوطة، بينهم أكثر من مئة ألف طفل دون سن السادسة وبحاجة إلى اللقاحات بشكل فوري، وإلا فإن حياتهم معرضة للخطر.
ويؤكد الطبيب مأمون أن كميات اللقاحات التي دخلت خلال آخر حملة العام الماضي كانت ضئيلة جداً، ونتيجة لذلك لم يتلق آلاف الأطفال التلقيح المناسب.
وتضمنت تلك اللقاحات الحصبة والتهاب الكبد وشلل الأطفال والنكاف والسل والحصبة الألمانية والدفتيريا والسعال الديكي، وجميعها من اللقاحات المهمة التي يتعين على الأطفال تناولها لتجنب الإصابات المرضية.
خطر كبير
وتخوف مأمون أثناء حديثه للجزيرة نت من أن عدم حصول الأطفال على اللقاحات اللازمة لهم يعني “خطرا كبيرا يصيبهم باعتبارهم الحلقة الأضعف في هذه الحرب، ويؤدي إلى دخول الغوطة الشرقية في حالة انتشار وبائي وبشكل خاص لمرضى شلل الأطفال والتهاب الكبد الوبائي”.
ويلقي باللوم في هذه الكارثة المحتملة على قوات النظام التي تتحكم بشكل تام في مداخل ومخارج المنطقة، حيث لا مجال لدخول اللقاحات إلا عن طريقها. وبحسب الطبيب فإن هذه القوات ترفض إدخال أي مواد إلى الغوطة، وتعرقل دخول مساعدات إنسانية أو طبية.
بدورهم يشير بعض المتطوعين في فرع “الهلال الأحمر العربي” السوري بمدينتي دوما وحرستا في غوطة دمشق الشرقية إلى وصول الشاحنات المحملة بالمساعدات الطبية من الأمم المتحدة برفقة منظمة “الهلال الأحمر” عدة مرات إلى حاجز مدخل مخيم الوافدين، ورغم استكمال كافة الموافقات الرسمية اللازمة فإن تلك الشاحنات فشلت مؤخرا في إدخال اللقاحات والمواد الطبية الأخرى.
ويقول أحد أولئك المتطوعين -فضل عدم كشف اسمه- للجزيرة نت إن وزارة الصحة التابعة لحكومة النظام ومنظمة الصحة العالمية هما الجهتان الرسميتان الوحيدتان المخولتان بشراء اللقاحات في سوريا، ودخول هذه اللقاحات إلى الغوطة الشرقية محصور فقط بالمنظمات التابعة للأمم المتحدة وكذلك الهلال الأحمر العربي السوري.
ويشير المتطوع إلى عدم استطاعة أي من تلك المنظمات تنفيذ أي تحرك بخصوص فك الحصار أو إدخال المساعدات دون الحصول على إذن مسبق من الحكومة السورية، وهو ما لم تتمكن من تحقيقه خلال الأشهر الفائتة.
بدوره يشدد الطبيب مأمون على أهمية الضغط بشكل جدي على النظام للسماح بدخول قوافل المساعدات الطبية والإنسانية وكسر الحصار عن أهالي الغوطة، وذلك لا يتم إلا عبر “المطالبات الدائمة من المنظمات العالمية للضغط على الجانب السياسي في الدول المعنية للسماح بفك الحصار”.
المصدر : الجزيرة