يعرض نائب رئيس الحكومة التركية، نعمان كورتولموش، في حديث مع “العربي الجديد” من لندن، موقف بلده من التطورات المتسارعة في سورية وأفق عملية “درع الفرات”، ويعدد الخلافات التي لم تحل بين أنقرة وموسكو حول الملف السوري، من دون أن يفوته تعداد ما تنتظره الحكومة التركية من الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، معرباً عن خشية أنقرة من أن تطول الحرب السورية أكثر، لأنها قد تقود إلى مواجهة مباشرة بين موسكو وواشنطن.
ــ كيف تنظرون للتدخل التركي في سورية في عملية “درع الفرات”، لا سيما بعد التطورات الأخيرة ومقتل جنود أتراك في هجوم اتهمتم النظام السوري بالوقوف خلفه قرب مدينة الباب. هل تشعرون بأن الوضع أكثر تعقيداً الآن؟
في الحقيقة ليس الوضع التركي فقط هو الصعب أو المعقد، فالحالة السورية باتت معقدة وصعبة بالنسبة لجميع الأطراف، للروس وللولايات المتحدة، وللمجتمع الدولي بأكمله. للأسف، المجتمع الدولي فشل في إيجاد حل عادل لهذه الأزمة. الموقف التركي واضح: نحن مع وحدة الأراضي السورية ولا نريد أن نرى نشوء كيانات انفصالية. لذلك نحن نقاتل “داعش” وحزب العمال الكردستاني. هذه المنظمات الإرهابية تتخذ من الأراضي السورية قاعدة لضرب المصالح التركية، نحن نقاتل هذه المنظمات حماية لأمننا القومي أولاً، ثم حفاظاً على وحدة الجغرافيا السورية، لذلك فإن عملية درع الفرات تستهدف مواقع داعش وحزب العمال الكردستاني.
ــ هل تخشون التورط أكثر في الأزمة السورية؟
رأيي الشخصي أنه لا بد من انتهاء هذا الصراع في سورية. روسيا والولايات المتحدة تستخدمان بعض المنظمات والجماعات هناك في ما يشبه الحرب بالوكالة. لكن هذا النوع من الصراع لا يمكن أن يستمر طويلاً. هناك خطر أن يتطور الأمر إلى مواجهة مباشرة بين واشنطن وموسكو، لذلك على المجتمع الدولي التحرك لحل الصراع ووقف القتال. صحيح أن الأزمة معقدة والحل صعب، ولكن لا بد من إيجاد حل.
ــ ما هي نقاط الخلاف والاتفاق بينكم وبين الروس في سورية؟
الخلاف يتعلق أولاً بدعم روسيا لقوات النظام السوري. ثم هناك الخلاف حول موقع رئيس النظام بشار الأسد ومصيره. الروس يتمسكون بالأسد في أي حل، ونحن نرى أن غالبية الشعب السوري لا تريده في الحكم. نحن مع ما يريده معظم الشعب السوري، ولا نقبل بحل لا يقبله غالبية السوريين.
ــ هل صحيح أن مبادرة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الخاصة بحلب، التي تنص على إخراج مقاتلي جبهة فتح الشام وإبقاء المجلس المحلي التابع للمعارضة ليدير الشق الشرقي من المدينة، مبادرة تركية ــ روسية؟
هي مبادرة إنسانية تستجيب للحاجات الإنسانية لسكان حلب الذين يعانون نقصاً في الغذاء والدواء. لقد بحثنا الموضوع مع القيادة الروسية بالفعل لأن الأمر يتعلق بحاجات إنسانية مستعجلة.
ــ كيف تنظرون للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب؟
من المبكر إصدار الأحكام، ونحن لدينا مجموعة من النقاط ننتظر أن يهتم بها الرئيس المنتخب دونالد ترامب، منها ضرورة حل مشكلات الشرق الأوسط. ثم هناك ما يتعلق بتركيا بشكل خاص، في مقدمتها قضية فتح الله غولن ومطلبنا أن تسلمه واشنطن إلى أنقرة كونه مطلوباً قضائياً لديها، ونحن ننتظر من الإدارة الجديدة إما توقيف هذا الرجل أو تسليمه للسلطات التركية. ثم إننا نتمنى ونتوقع أن توقف الولايات المتحدة دعمها وتسليحها لمليشيات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني التي هي جزء من حزب العمال الكردستاني الإرهابي.
ــ طرحت القيادة التركية على لسان الرئيس رجب طيب أردوغان قبل نحو عام مشروع تجنيس بعض الفئات من اللاجئين السوريين في تركيا، وأثار الموضوع سجالاً داخلياً وخارجياً. أين أصبح المشروع؟
نعمل على هذا المشروع. هناك أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا، ونحن نعمل على إعداد برنامج بخصوص منح الاقامة الدائمة ثم الجنسية للمستثمرين الذين يودعون أموالاً في مصارف تركية أو يفتحون استثمارات تخلق وظائف. طبعاً هذا لا يخص اللاجئين السوريين فقط، بل هو برنامج يخص كل الأجانب الراغبين بالإقامة في تركيا أو الحصول على الجنسية التركية.
ــ بماذا تفسرون تراجع قيمة الليرة التركية؟
السبب لا يتعلق بعوامل داخلية أو أسباب تتعلق بالاقتصاد التركي فحسب، بل إن الليرة التركية تتأثر بعوامل خارجية منها تذبذب الدولار بسبب الانتخابات الأميركية. كما أن هناك عدم استقرار الدولار وسعر الفائدة الأميركية وهناك عوامل تتعلق بعدم الاستقرار في أسواق عالمية أخرى، ولكن هذا لا يمنع أن بعض العوامل الداخلية ساهمت في تراجع الليرة مقابل الدولار.
العربي الجديد