فقد النظام السوري خلال سنوات الحرب سيطرته على أكثر من 70 % من مساحة سوريا، مما دفعه للتخبط و دخوله بحالة هستيرية لتكون انعكاساتها السلبية كالعادة على الشعب السوري الذي يعاني الأمرين سواء كان في مناطق النظام أو في المناطق المحررة .
استهدف النظام بقمعيته طبقة العاملين في مؤسسات الدولة، كونهم سينساقون وراءه ويعلنون تبعيتهم الكاملة له لأن لقمة عيشهم بيده عبر سياسة الذل و الانصياع لأوامره.
ضيق النظام خناقه على الموظف السوري وذلك عبر منعه من السفر و الفصل التعسفي من عمله بالإضافة لتعرضه للتصفية والاعتقال بتهم مختلفة أشهرها التعامل مع المسلحين و خيانة الدولة.
و يبلغ عدد العاملين في مؤسسات الدولة بحسب تصريحات رئيس مجلس الوزراء وائل الحلقي 2,5 مليون موظف، و تم توثيق فصل أكثر من 7 آلاف موظف منهم بشكل تعسفي، و رغم مرسوم العفو الذي أصدره بشار الأسد العام الفائت إلا انه لم يشمل المفصولين بقرار أمني، حيث لا يعود الموظف لمزاولة عمله بعد خروجه من المعتقل، و هي إحدى الطرق لإذلال الموظف و تجويعه مع عائلته، مستغلين المادة 137 من قانون العاملين بفصل الموظفين دون إعطائهم أيا من حقوقهم .
و لجأ النظام في مناطق سيطرته لاستغلال الموظفين عبر إلزامهم بدفع فواتير الهاتف و المياه والكهرباء رغم أنهم لا يرون الكهرباء إلا لساعات قليلة و ذلك ليتمكنوا من الحصول على الراتب، بالإضافة لاستغلال الموظفين الشباب و إجبارهم على الالتحاق بخدمة الاحتياط بعد أن استنزفوا عناصرهم عبر خساراتهم المتكررة.
أجبرت الحرب العديد من العاملين على النزوح والسفر خارج البلاد، فكانت الاستقالة حلا للخلاص من تبعية النظام، و ذلك مبررا لقيام وائل الحلقي بتعميم على مؤسسات الدولة بالتشدد في دراسة طلبات الاستقالة أو الإجازات بدون راتب أو ” الاستداع ” .
وبدأ التعميم الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ الثالث من الشهر الحالي بعبارة ” لوحظ في الآونة الأخيرة , ازدياد عدد طلبات الاستقالة –الإجازة الخاصة بلا راتب – إذن المغادرة المقدمة من العاملين في الدولة بما ينعكس سلبا على حسن العمل “.
و من الإجراءات المتخذة في التعميم قامت الحكومة بتشكيل لجنة مركزية في كل وزارة لدراسة طلبات الاستقالة والإجازات المفتوحة حيث لا تقبل إلا لظروف قاهرة وقسرية لتبدأ معها المحسوبيات و الرشاوى و غيرها من أمور الفساد التي اعتاد عليها المواطن السوري.
غادة معلمة من مدينة ادلب المحررة تقول :” اضطررت بعد تحرير مدينتي للنزوح مع عائلتي إلى تركيا، و بعد أن ألزمتنا حكومة النظام بالالتزام بالدوام، قررت أن أقدم استقالتي و أحال للتقاعد حيث لدي خدمة ما يزيد على 33 عاما، فتقدمت منذ أكثر من شهرين بطلب لكن لم تأت الموافقة بعد، فتقدمت بإجازة شهر بدون راتب لكن جاءت مرفقة بالرفض، فلا حل لدي سوى ترك عائلتي والالتزام بالدوام أو خسارة عملي وسنوات خدمتي دون أي تعويض”.
لم يتبق لدى النظام ورقة ليلعب عليها سوى تضييق قبضته على الموظفين و استغلال حاجتهم لراتب لا يكاد يسد رمقهم و سط حالة الغلاء و ارتفاع فاحش في الأسعار مع تدني سعر صرف الليرة السورية، نظام وصل لمراحل مستعصية من الفساد و عدم القدرة على اتخاذ أي قرارات تصب في مصلحة المواطن السوري الذي بات آخر هم تفكر به الحكومة السورية الموقرة.
سماح خالد ـ المركز الصحفي السوري