متعارف عليه في عالمنا المعاصر بـ يوم المرأة العالمي، وكُبرى الإنجازات التي حصلت عليها المرأة عالميًّا لا زالت لم تتخطَّ شعارات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما تعانيه المرأة في كل مكان في هذا العالم من قمع وقتل وسجن وتنكيل ، واستغلال هو أقرب للعبودية خاصة في دول كإيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن وأفريقيا، ودولٍ أُخرى،
وما يزيد من محنة المرأة أن المعايير الدولية لحقوق الإنسان وحقوق المرأة خضعت لتوجهات ورؤًى ومساومات سياسيةً دولية، وسلوكيات عنصرية تجعل للحقوق موضعًا ومكانًا ولونًا وعرقًا وذلك ما تمخضت عنه السياسات الدولية خلال السنة الماضية وهذا العام، ومن ضمن ما تمخضت عنه سياسات المساومة والتراضي من لدن المجتمع الدولي كانت تلك المُتبعة مع نظام الملالي على حساب ما يجري من انتهاكات لحقوق الإنسان في إيران وخاصة مع النساء .
وعلى الجانب الآخر المشرق في مجال نضال المرأة كانت ثورة المرأة الإيرانية الثورة التي تقودها وترتكز رمزيتها على حقوق المرأة والمجتمع ولا مطالب لها سوى إسقاط النظام لخلاص الشعب الإيراني ونيل الحرية والديمقراطية واليوم تحيي المرأة الإيرانية يوم الثامن من آذار / مارس من شوارع الثورة ومن داخل السجون ومعتقلات التعذيب وبعضهن ضحايا القتل والاغتصاب مدفونات تحت التراب في ظل غياب المصداقية الدولية التي عبر عنها وزير خارجية نظام الملالي بشكل غير مباشر قائلًا (إن هناك حقوق الإنسان يجب أن تتماشى مع المصالح والعلاقات السياسية بين الدول)
ظنوا أنهم خدعوا الشعب الإيراني ببعض الشعارات والمواقف الإعلامية ثم كشروا عن أنيابهم برفض وضع ما يسمى بـ الحرس ككيان إرهابي على القائمة الأوروبية السوداء ثم محاولة تلميع ابن الشاه ليكون حليفًا منقذًا لنظام الملالي المحتضر، وأكملوا عرض حقيقتهم بالجلوس مع أمير عبد اللهيان في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، وظنوا وخيب الشعب الإيراني ظنهم خاصة المرأة الإيرانية التي هتفت برفض أي نوع من الدكتاتوريات في مظاهرات تقول: (الموت للطاغية سواء كان الشاه أو الملالي)، وهتفت بشعارٍ آخر تقول: ( بحجاب وبدون حجاب سنمضي قُدُمًا نحو الثورة) و غيرها من الشعارات الوطنية التي حملت الكثير من الرسائل المعبرة في وجه النظام ومن يتحالفون معه ومن يهادنونه.
في إطار نضال الشعب الإيراني، وضمن فعالية نسوية لتكريم المرأة الإيرانية المناضلة بمناسبة إحياء يوم المرأة العالمي عقدت المقاومة الإيرانية لقاءً نسويا عالميًّا كبيرًا في 4 مارس 2023 شارك فيه برلمانيون ووزراء سابقون من مختلف أنحاء العالم للإشادة بنضال المرأة الإيرانية وبمواجهتها وتضحياتها بوجه نظام ولاية الفقيه، وأدانوا بصدق ما تتعرض له المرأة والثوار والسجناء السياسيين من قمع ودموية وتعذيب، وكان هذا اللقاء النسوي الكبير لقاءً نوعيًّا ومن عدة أجيال وشهد الحاضرون والمشاركون على أدبيات المقاومة الإيرانية والأهداف التي تريد أن تحققها، والمرأة المناضلة اليوم تقود المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وهو أكبر وأقدم حركة ديمقراطية إيرانية معارضة وأكثرها اقتدارا وقدرة كبديل قادر على الوجود والاستمرار وإقامة إيران حرة ديمقراطية شعبية وغير نووية، وكان هذا المجلس الذي تقوده السيدة مريم رجوي اليوم قد ثبّت حقوق المرأة منذ عقود، وأعلنت هي من جانبها 12 مادة تتعلق بحقوق المرأة في ذلك اللقاء النسوي جاء فيها المبادئ والبنود ومنها :
– إلغاء وإزالة كافة أشكال الاضطهاد والإكراه والتمييز التي فرضها نظام خميني الرجعي وشريعة الملالي ضدّ المرأة الإيرانية والالتزام بكافة حريات وحقوق للمرأة واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وإعلان القضاء على العنف ضد المرأة وما نصّ علیه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1993.
– التأكيد على المساواة التامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية بين الرجل والمرأة، والتوفير الكامل لحقوق جميع النساء في الدولة بعیدًا عن عدم التکافؤ والقيود الاستغلالية ورفض أي نوع من التصور السلعي للمرأة.
اثنتا عشرة مادة أولية تتضمن رؤية مثبتة حول حقوق المرأة في إيران وبحضور دولي/
1- حق التصويت والترشح في جميع الاستفتاءات والانتخابات.
2- الحق في العمل واختيار الوظيفة بحرية، وتقلّد أي منصب عام أو حكومي أو وظيفة، بما في ذلك الرئاسة (والقيادة السياسية) والقضاء في جميع المناصب القضائية.
3- الحق في ممارسة النشاط السياسي والاجتماعي بحرية والتنقل والسفر دون الحاجة إلى إذن طرف آخر.
4 – الحق في حرية اختيار الملبس والرداء.
5- حق الانتفاع من كافة المرافق التعليمية والتربوية والرياضية والفنية دون تمييز، والحق في المشاركة في جميع المباریات الرياضية والأنشطة الفنية.
6- الاعتراف بالمنظمات النسائية ودعم تنظيمها التطوعي في جميع أنحاء البلاد، والنظر في امتيازات خاصة بمختلف المجالات الاجتماعية والإدارية والثقافية للنساء، وخاصة في المجال التربوي من أجل القضاء على اللامساواة والظلم المضاعف على المرأة.
7- تقاضي أجرٍ متساوٍ مع أجر الرجل عن العمل المتساوي؛ وحظر التمييز في التوظيف وأثناء العمل؛ والتمتع بنفس القدر من المزايا المختلفة مثل استحقاقات الإجازة والتقاعد والعجز والحصول على حقوق الطفل والزواج والتأمين ضد البطالة؛ التمتع بحقوق وخدمات خاصة أثناء الحمل والولادة ورعاية الأطفال.
8- الحرية الكاملة في اختيار الزوج والزواج، والتي تتم فقط بموافقة الطرفين وتُسجل لدى المراجع القانونية، ومنع الزواج قبل بلوغ السن القانوني، ويُحظر في الحياة الأسرية أي نوع من الإكراه والإجبار على المرأة.
9- المساواة في حق الطلاق، ويتم الطلاق لدى الجهات القضائية المختصة، الرجال والنساء متساوون في عرض أسباب الطلاق، ويتم تحديد طريقة رعاية الأطفال وتوفير سبل عيشهم وطريقة التسوية المالية في حكم الطلاق.
10- دعم الأرامل والمطلقات والأطفال الذين في عهدتهن وولايتهن من خلال نظام الضمان الاجتماعي بالدولة.
11- إلغاء الفوارق القانونية في مجال الإدلاء بالشهادة والوصاية والحضانة والميراث وحظر تعدد الزوجات.
12- حظر أي استغلال جنسي للمرأة تحت أي عنوان وإلغاء جميع العادات والقوانين والنمطيات التي بموجبها يُسلّم الوالدان أو الأوصياء أو الأولياء أو غيرهم فتاة أو إمرأة للآخرين على سبيل الزواج أو تحت أي عنوان آخر.
هذا هو الحصاد النضالي لمسيرة المرأة المناضلة قد تجسد في يوم تكريم المرأة المناضلة والدفاع عن المرأة المضطهدة، ولا تُعد هذه المبادئ هنا نصوصًا لضمان حقوق وحرية المرأة فحسب بل هي في حد ذاتها ضمان لحقوق كافة أفراد المجتمع وخلق أرضية للتعايش فيما بينهم بسلام ورقي وازدهار لجميع مكونات المجتمع وفئاته، وفي الوقت ذاته هي رسالة أمل ووثيقة عهد من مناضلين لشعبهم يتعهدون بها أمام المجتمع الدولي.
كذلك فإن نهضة المرأة الإيرانية التي ستزدهر في المرحلة اللاحقة لزوال الملالي وآثارهم لن تقتصر على إيران فحسب بل ستصل إلى كافة البلدان التي تعرضت لظلم وقمع الملالي من خلال ميليشياتهم وعصاباتهم الإجرامية.
ثورة المرأة جارية في إيران نحو النصر .. وإن غدا لناظره قريبُ.