إطلالة الامين العام لـ”حزب الله ” اليوم في المهرجان لمناسبة مرور عشرة أعوام على حرب تموز التي وصف الحزب نتائجها سابقا بـ”الانتصار الالهي” تأتي في ظروف لا يشتهيها نصرالله. فإذا كانت مدينة بنت جبيل التي تحتضن الاحتفال بالامس رمزا لما يعتبره الحزب إنتصارا على إسرائيل، ستكون اليوم شاهدا على هزيمة المشروع الذي زجّت إيران “حزب الله” فيه من خلال توريطه في الحرب السورية ما كبّده خسائر بشرية تقدّر بالالاف بين قتيل وجريح ونزعت عنه صفة المقاوم ضد إسرائيل وألزمته صفة المدافع عن أحد أعتى الطغاة في المنطقة.
بين آخر إطلالة متلفزة لنصرالله في النبطية قبل أسبوعين تقريبا وضع فيها حصار المعارضة في شرقي حلب في إطار الانتصار الاستراتيجي، وبين إطلالته اليوم في بنت جبيل التي تترافق مع فرض المعارضة السورية حصارا مماثلا في حلب تقريبا، فارق كبير. ولن يكون تبرير التغيير الميداني في حلب كافيا لطمس حقيقة استراتيجية تؤكد أن حزب نصرالله أصبح عالقا في لعبة دولية لن يكون سهلا الخروج منها سالما.
ترافقت موجة التفاؤل الانتصارية التي أطل بها نصرالله قبل أسبوعين مع التطور الدراماتيكي في تركيا مما أطلق العنان في محور طهران للتحليلات بأن تركيا انتقلت من الحلف الاطلسي الى حلف الممانعة بزعامة موسكو. غير ان إتجاه هذه الموجة تبدّل مع فك المعارضة السورية الحصار عن حلب. مما جعل شخصية سياسية مخضرمة رافقت احداث لبنان منذ العام 1975 وحتى اليوم تشبّه واقع “حزب الله” اليوم بواقع “الحركة الوطنية” في حرب لبنان في سبعينيات القرن الماضي. ففيما راهن محور طهران على دور موسكو في قلب موازين القوى في الحرب السورية الحالية، راهنت “الحركة الوطنية” على الاتحاد السوفياتي في قلب موازين القوى في الحرب اللبنانية قبل أربعة عقود. لكن روسيا خيبت آمال “الحركة الوطنية” سابقا كما تخيّب الان آمال “حزب الله”.
من يرا قب المشهد الاقليمي والدولي حاليا يتبيّن له ان لعبة الامم لا مجاملات فيها. فموسكو تشاور واشنطن في حلب، والرئيس الروسي يبحث مع الرئيس التركي في “إنشاء آلية قوية بشأن سوريا”، ووزير خارجية إيران محمد جواد ظريف في أنقرة يبشّر بـ”الحوار والطرق الديبلوماسية”. فماذا بقي لـ”حزب الله” من دور خارج هذه اللعبة؟
كل المعطيات تفيد أن تنظيم “الدولة الاسلامية” التي يطلق عليها اسم “داعش” في طريقه الى الزوال وفق ما ورد في صحيفة الانديبندنت البريطانية بالامس. في المقابل لم نجد “حزب الله” يخوض يوما في الميدان السوري حربا ضد هذا التنظيم. فهل هذا يعني ان معارك حلب هي استباق لزوال “داعش” كي لا يأتي يوم وتصبح فيه المطالبة بإزالة سائر الميليشيات غير السورية مطلبا أساسيا؟
لا يبدو أن “حزب الله” سيحظى بانتصار في حلب، بل ما يلوح هو مزيد من التورّط.