ثائر الزعزوع – العربي الجديد
بعد أن تحولت نشراتها الإخبارية إلى ما يمكن تسميته بالبيئة الطاردة للجمهور، قررت إدارة الفضائية السورية أن تدخل لمساتها التطويرية على نشراتها الإخبارية، فثارت على الشكل التقليدي وقررت تحطيم القالب الجاهز الذي ظلّ مُتحكّماً بالشكل لسنوات، فدخلت الألوان والموسيقى، والقطعات المونتاجية… والحقيقة أنّ المتابعة الأولى قد توحي بأن ما يراه المتابع هو قفزة نوعية، إلا أن المتابعة تعيدنا إلى الصيغة الطاردة نفسها.
الاستديو أخذ شكلاً مختلفاً وتم تنفيذه عبر برنامج غرافيك. ويمكن اكتشاف لعبة الديكور الوهمي بمجرد اقتراب الكاميرا من مقدم النشرة لنكتشف أن الإضاءة الموجودة أعلى الاستديو قد اختفت. وقد حاول مصممو الغرافيك تقليد تصميم الاستديو القديم لقناة “الجزيرة”، وهذه تحديداً هي محاولة فاشلة، وغير موفقة.
تبدأ النشرة الإخبارية كالعادة بالعناوين التي تأخذ الحالة الاستعراضية الرتيبة نفسها التي كانت متبعة قبلاً، إذ يتم الحفاظ على أخبار سيادة الرئيس أولاً أياً يكن نوعها وقيمتها، ثم تتداعى العناوين بعد ذلك منتقلة بين منطقة في سورية ثم قفزاً إلى العراق، وعودة إلى سورية. وهكذا، ويحاول مذيع النشرة إسباغ طابع الحماسة على صوته بحيث يكسب العناوين الطويلة قوة تفتقد إليها أصلاً، ويكون تقطيعه للعنوان الطويل غير موفق، فيظهر للمتلقي وكأنه عنوانان وليس عنواناً واحداً.
وتحافظ الفضائية السورية على أخبارها المطاطية في كل ما يتعلق بالوضع السوري. فالأرقام غير محددة، والأماكن تقريبية وغير واضحة المعالم تماماً، فيما هي تتوخى الدقة تماماً حين تورد خبراً عما يحدث في العراق، وهو يأتي تفصيلياً وموثقاً بشهادات حكومية، مع أن الخبرين يتحدثان عن “إنجازات” جيشي البلدين في مواجهة “الإرهاب”.
وتستمر تقارير النشرات بلغتها القريبة جداً من اللغة الخطابية الإنشائية، ويمكن ملاحظة عمليات المونتاج غير الموفقة في بعض التقارير، من حيث تكرار الصور، أو مقطع فيديو لا يتناسب إطلاقاً مع المادة الصوتية، بالإضافة إلى أنّ طريقة قراءة التقارير يغلب عليها طابع القراءة المدرسية المستعجلة بما تتضمنه من أخطاء لغوية واضحة. ويمكن بسهولة تبين أن النص لم يكتب للصورة أصلاً، إلا في بعض التقارير التي تتضمن متحدثين.
تقسّم النشرات على مدار ساعات اليوم، وأطلق على كل نشرة من النشرات تسمية تحاكي تسميات أخرى في قنوات عربية معروفة، فنشرة “أخبار البلد” هي نشرة محلية تتضمن الأخبار المحلية التي يختلط فيها الاقتصاد بالعمل الحكومي، فيما تتوسع “نشرة الظهيرة” لتشمل أخباراً محلية وعربية وعالمية، كما تتضمن فقرة قراءة في الصحف، وفقرة اقتصادية، ومساء تكون نشرة “أحداث اليوم” موسعة أكثر من سابقاتها، على الرغم من أن جميع هذه النشرات يتم تقديمها بالطريقة نفسها دون زيادة أو نقصان.
وبما أن الخبر يتم التعامل مع مادته الأولية وفق ما يخدم سياسة الحكومة، فإن إغفال المصادر هو أمر شبه دائم، فالتصريحات التي يتم نقلها، وتحريفها، أو اجتزاؤها لا يتم إخبار المتلقي ما هي مصادرها الإخبارية، إذ ترد كثيراً عبارة، وقالت مصادر إعلامية، أو نقلت مصادر إعلامية.