للفن أهمية كبرى بالنسبة للمجتمع، فهو ذو تأثير بالغ في الحياة النفسية لأفراد المجتمع و في حياتنا الاجتماعية و في التكتلات السياسية و الآراء و المواقف السياسية، لذلك فهو أداة التفاهم العالمي.
و كما أن الفنان يشكل صورة راسخة في أذهان المحبين له و المتابعين لأعماله الفنية سواء كانت في المسرح أو التلفزيون أو السينما، يصبح الفنان قدوة للأفراد في المجتمع، يهمه ظروفهم الاجتماعية و السياسية في بلدهم، فهو بدوره يقوم بإيصال رسالة شعب بلده للعالم أجمع، في ظل الحرب التي تعصف بالبلدان العربية و على الأخص الثورة السورية.
إن الفنان هو مواطن سوري قبل أن يكون فناناً، فإما أن يقف إلى جانب ثورة الشعب و يتحمل ما يلقاه الناس، أو ينحاز إلى النظام.
في سوريا انقسم الفنانون السوريون تجاه الثورة السورية التي حصلت في بلادهم، فريق أيّد الثورة و مطالب الشعب، وفريق وقف مع النظام، وفريق التزم الصمت، و قد تعرض من ناصر الثورة للقتل و التعذيب أو الاختفاء القسري.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان : ” إن 22 فناناً سورياً قُتلوا منذ انطلاق الثورة السورية، 14 منهم قتلوا على يد قوات النظام، و4 قضوا بسبب التعذيب في المعتقل”.
بينما من يوالي النظام من الفنانين يحظى بالتأييد المادي و المعنوي من قبل النظام السوري، و يتم الاستعانة به في حملات تشويه الثورة، و تخوين زملائه، إضافة إلى الترويج للانتخابات الرئاسية، و من أبرزهم ” دريد لحام، و سلاف فواخرجي، و سلمى المصري، و وائل الشرف”.
دريد لحام أعلن تأييده المطلق لـ بشار الأسد مشدداّ على أن مهمة الجيش حماية الشعب و توفير الأمن و الاستقرار و ليس محاربة إسرائيل، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة في صفوف المعارضين للنظام، مما دفع الناشطين في الثورة لإدراج اسمه وأسماء كثيرة من الممثلين و الممثلات تحت لائحة أُطلق عليها اسم “قائمة العار” حسبما ذكرت شبكة المعلومات السورية.
في المقابل ثمة شريحة واسعة من مشاهير الفنانين السوريين عبرت عن دعمها للثورة و الثوار، و أبرزت مواقفها ضد النظام بالتنديد بجرائمه و بطشه، و أبرزهم : الفنانة أصالة نصري دعمت الثوار من ثالث يوم من الثورة السورية عبر الإعلام، الفنان محمد آل رشي شارك في مظاهرات دمشق فقامت قوات الأمن بحرق منزله و محاولة إجبار والده عبد الرحمن آل رشي للتبرؤ منه، بالإضافة إلى الفنانتين يارا صبري و كاريس بشار اللتين وقعتا على بيان فك الحصار عن درعا.
و من أشهر الفنانين الذين اعتقلتهم قوات النظام و أطلق سراحهم الفنانة مي سكاف التي أطلت بكل جرأة لتنتقد ظلم النظام بعدم الاستجابة لمطالب السوريين، فدفعت ثمن موقفها اعتقالاً و اعتداء من قبل قوات النظام، دون أن تتراجع بموقفها الداعم للثورة، و مؤخراً استولت اللجان الشعبية “ميليشيات مؤيدة للنظام” على منزلها في جرمانا بريف دمشق.
و الجدير بالذكر هو مواقف و آراء الممثلين السوريين إزاء التدخل الروسي في سوريا، حيث ظهر الفنان دريد لحام بموقفه المؤيد للتدخل الروسي، و اعتبر أن الوضع الراهن هو معركة وجود في وجه القوى التكفيرية والإرهابية، لذلك “نحن مع جميع القوى التي تحارب الإرهاب سواء ضربات جوية أو برية، لأننا نريد أن نحيا بسلام”، وانضم إلى فريق دريد لحام، الفنان حسام تحسين بيك.
أما الفريق المعارض للنظام السوري والدول الحليفة له، يضم الفنانة أصالة نصري، فهي زعمت أن هذا التدخل ما هو إلا عمل إرهابي أيضاً بحق الشعب السوري.
ومن أبرز الفنانين الذين أعلنوا معارضتهم لتحالف روسيا، الفنان جمال سليمان، و كذلك الفنانة كندة علوش.
في ظل ظروف الحرب و ما تدور فيها من نزاعات و تدخل دولي داخل سوريا، و أمام مشاهد الإجرام و المجازر بحق السوريين المدنيين يبقى السؤال، هل سيبقى الفنانون المؤيدون للنظام على مواقفهم رغم كل مشاهد الدمار والخراب والمعاناة التي ألمت بالشعب السوري، ومن ثم كيف يمكن تبرير هذه المواقف المخزية ودعمهم الصريح للمجرم الذي دمر البشر والحجر سوى بأنهم باعوا ضمائرهم للسفاح وأن التاريخ لن يغفر لهم هذا الموقف المتخاذل.
ظلال سالم
المركز الصحفي السوري