يقف اليوم نظام الملالي في طهران حائرا أمام المد المتزايد للمعارضة الإيرانية لحكم ما يعرف “بالثورة الإسلامية” في إيران, انضمام المزيد من أفراد الشعب الإيراني لصفوف المعارضة لحكم الملالي ليس وليد اليوم, إنما هو نتاج معاناة شديدة وطويلة بدأت منذ اللحظة الأولى التي تسلَّم فيها “الخميني” مقاليد السلطة في البلاد, إلّا أن القبضة الأمنية الحديدية للنظام أجهضت قيام أي حركات مناوئة له, حيث اتبع نظام الخميني سياسة متوحشة تقوم على التصفيات والاغتيالات السرية لجميع معارضيه بدءا من الداخل وانتهاء بالخارج عن طريق ميلشياته المنتشرة في مناطق متعددة من العالم ولاسيما تلك التي تم زرعها في قلب الشرق الأوسط والمنطقة العربية “كحزب الله اللبناني”.
صحيح أن الثورة الإيرانية نشبت عام 1979 في الداخل الإيراني من دون سابق إنذار وضمن ظروف غامضة ومفاجئة توحي للمراقب الخارجي بترتيب مسبق يطرح العديد من التساؤلات, وحولت هذه الثورة إيران من نظام ملكي تحت حكم الشاه “محمد رضا بهلوي” لتصبح جمهورية إسلامية عن طريق الاستفتاء الذي يتحكم به “روح الله الخميني” مؤسس ما بات يعرف “بالجمهورية الإسلامية الإيرانية”, إلا أن التداعيات الخطيرة لهذه الثورة لم تقتصر على الداخل الإيراني, بل عمل نظام الملالي جاهدا على تصدير هذه الثورة للخارج وخصوصا للدول العربية المجاورة معتمدا على بعض الأحزاب التي زرعها في المنطقة من جهة, وعلى بعض الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة في بعض الدول العربية التي تتوافق بالفكر السياسي معه من جهة ثانية.
ومنذ ذلك الوقت وإيران تتدخل بالشؤون الداخلية للعديد من الدول العربية وتثير بها القلاقل؛ أملا بتصدير ثورتها وتحقيق مشروعها الذي يعرف “بمشروع الهلال الخصيب”, إلّا أن الإيرانيين المعارضين في الخارج يقولون: “صحيح أن النظام الإيراني متهم بارتكاب العديد من المجازر ولا سيما بحق السوريين الثائرين الذين أرادوا التغيير وثاروا على حليفه المخلص “بشار الأسد”, إلا أن الضحية المجهولة من وراء الكواليس التي لا يشعر أحد بمعاناتها, هي الشعب الإيراني في الداخل الذي وقع ضحية الإعدامات الميدانية لهذا النظام الديكتاتوري الراديكالي الشمولي”.
لذلك ينهض اليوم الشعب الإيراني بمختلف طوائفه وأعراقه ليعيد نفخ الروح في جسد المعارضة من جديد عن طريق المؤتمرات بالخارج التي تحظى بدعم كبير وغير متوقع من أبناء الجالية الإيرانية التي تعيش في الخارج, وبمباركة خفية من أبناء جلدتهم في الداخل, وكان آخرها مؤتمر “باريس” السنوي بالعاصمة الفرنسية, الذي انطلقت فعالياته في يوم السبت الفائت الموافق للتاسع من شهر تموز الحالي بمشاركة أكثر من 100 ألف من أبناء الجاليات الإيرانية المنتشرة في مختلف دول العالم.
ودعت “مريم رجوي رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في كلمة لها خلال افتتاح المؤتمر إلى “إسقاط نظام ولاية الفقيه في إيران” معتبرة أن الاتفاق النووي زاد من حجم جرائم إيران في المنطقة.
ونوهت “رجوي” “إلى أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه نظام الملالي هي سياسة ضبابية ويشوبها التضارب وأفرزت مصائب للمنطقة وعليها أن تعيد رسم سياستها المستقبلية وأن تقف موقفا واضحا من دعم المعارضة الإيرانية الطامحة لنيل الحرية وتطبيق الديمقراطية في إيران”.
واتهمت “رجوي” طهران بارتكاب جرائم في سوريا والعراق للتغطية على فشلها قائلة: “النظام الإيراني شن قصفا صاروخيا على معسكر ليبيرتي في بغداد ما أسفر عن سقوط العشرات من الضحايا”.
افتتح المؤتمر بمشاركة كبار الشخصيات الأمريكية والأوروبية والعربية وغيرها من قارات العالم الخمس.
صحيح أن المواطن السوري هو الضحية الأولى والأخيرة لسياسة التدخل الإيراني التي أخذت في سورية طابعا متوحشا, حيث أكدت العديد من التقارير أن إيران ضالعة ومتورطة بارتكاب العديد من المجازر بالاشتراك مع النظام السوري عن طريق دعم ميليشياتها على الأرض السورية عسكريا, إلا أن السوري لا يكترث كثيرا بشؤون المعارضة الإيرانية لأنه بات يدرك تماما أن المجتمع الدولي المتخاذل في دعمه تجاه قضيته العادلة, لن يكون سبّاقا لدعم المعارضين الإيرانيين؛ لأن الصفقات السياسية بين إيران والمجتمع الدولي متشابكة وتقوم على أساس المصالح المتبادلة, لكنهم لا يخفون رغبتهم بتصدير ثورتهم للداخل الإيراني, لأنه السبيل الوحيد لإنهاء أحلام من يقبعون في قم.
وفي المحصلة يتساءل ناشطو الثورة السورية هل نرى “رجوي” يوما ضيفة شرف في سورية الحرة؟! هذا ما نتمنى لنا ولكل الشعوب الحرة
المركز الصحفي السوري – فادي أبو الجود