في تطور لافت على صعيد الساحة العسكرية في سوريا، نفذت ميليشيات طائفية أجنبية وأخرى محلية هجوماً على مواقع المعارضة السورية في ريف حماة الشمالي، انطلاقاً من مدينة «محردة» المسيحية بريف حماة، رغم أن المعارضة السورية المسلحة كانت قد أكدت تحييدها للمدينة بشكل كامل عن الأعمال العسكرية التي تقودها ضد قوات النظام السوري والميليشيات الموالية له في ريف حماة.
وقالت مصادر عسكرية وأخرى إعلامية في محافظة حماة، إن هجمات صاروخية ومدفعية ثقيلة استهدفت أحياء في ريف حماة، مصدرها مدينة «محردة»، وهذا ما أكده عضو وفد الهيئة العليا المعارضة للمفاوضات أسعد حنا عبر حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال حنا: المدعوان نابل العبد الله من مدينة سقيلبية، وسيمون الوكيل من مدينة محردة، هما من يقودان الميليشيات المسيحية في هجماتها ضد المعارضة، رغم تحييد الأخيرة لها.
وقالت الناشطة المسيحية الموالية للثورة السورية شمس لـ «القدس العربي» خلال اتصال هاتفي خاص معها «من يسيطر على مدينة محردة في ريف حماة اليوم، هم حركة النجباء الشيعية العراقية، ومجموعات من المقاتلين الإيرانيين والباكستانيين، بالإضافة إلى حزب الله اللبناني، الذي يتولى بدوره زعامة كامل تلك الميليشيات، كما هنالك تواجد لميليشيات الدفاع الوطني «المسيحية» في المدينة، وميليشيات الدفاع الوطني تم إقحامها بالمعركة لإلباسها الزي الطائفي ليس أكثر».
واستطردت، من كان يقود الدبابات ويرمي بالمدفعية الثقيلة وصواريخ الفيل هم جماعات مسلحة غير سورية وغير تابعة للنظام السوري، وما لاحظناه هو أن النظام السوري كان في الخطوط الخلفية وليس له دور في المعارك التي يقودها حزب الله وحركة النجباء العراقية.
وقالت شمس «من خلال ما شاهدناه، وجدنا أن إيران وحزب الله اللبناني، ليس لديهما أي ثقة بـ «بالعلويين»، ودوافع الهجوم الظاهرة، هي استعادة مدينة «حلفايا» من المعارضة السورية، ولكن الهدف المخفي لها غير ذلك، منوهة إلى انتشار كبير في الميليشيات الشيعية والأجنبية في المدينة التي لا يوجد فيها سوى الطائفة المسيحية».
وأشارت «ما يريده حزب الله والميليشيات العراقية من خلال قيادة المعركة ضد المعارضة انطلاقاً من محردة هو، إظهار أن المسيحين معهم واتخاذهم ورقة ضغط دولية على المعارضة»، ووصفت شمس هذه الأفعال بأنها «تجارة ومتاجرة».
وأردفت، غالبية أهالي مدينة محردة ليسوا راضين عما حصل ولا يقبلون به، وخاصة أن يتم اتخاذ مدينة محردة، كقاعدة عسكرية لضرب المدن والأحياء المجاورة، التي لم تتعرض بدورها لمحردة وأهلها بأي سوء طيلة الفترات السابقة.
وأكدت شمس أن «إيران والنظام السوري يريدان الهدف ذاته، بما فيها مدينة محردة وأهلها، وهو توريط الجميع معهم في هذه المعركة، مؤكدة أنهم أرسلوا حشوداً عسكرية هائلة من مدينة حماة للمدينة تمهيداً لمهاجمة المعارضة انطلاقاً من المدينة».
وخلال حديثها، نوهت شمس، إلى إن «عدداً من أبناء المدينة من المسيحين تعرضوا للاعتقال والضرب على يد النظام السوري، كما أن الأخير داهم العديد من منازل المسيحين لمواقفهم الإيجابية تجاه الثورة السورية».
وقالت «علاقتنا التاريخية مع أهل السنة قديمة جداً ومعروفة، ولن نسمح لأحد بزعزعتها، ولكن التراكمات الحاصلة في المشهد السوري، والطائفية والحقد اللذين لعب بهما النظام السوري، فرقا السوريين عن بعضمها خلال الفترة الحالية».
بدوره، قال عبادة الحموي مدير المكتب الإعلامي لـ «جيش العزة» لـ «القدس العربي» خلال اتصال خاص معه «من يقف وراء الهجمات ضد مواقع الجيش السوري الحر، هي ميليشيا حركة النجباء الشيعية العراقية، وكذلك حزب الله اللبناني، بالإضافة إلى ميليشيات طائفية محلية، وجميعهم يتخذ من الأحياء السكنية في مدينة «محردة» المسيحية قاعدة تمركز وانطلاق لهم».
وزاد «هنالك ما يقارب من مئتي مقاتل من أبناء المدينة المسيحيين يقاتلون ضمن الفيلق الخامس المشكل مؤخراً، بالإضافة إلى ميليشيات الدفاع الوطني»، وأكد المتحدث باسم جيش العزة التابع للجيش الحر، بأنهم قتلوا ثلاثة عناصر من حركة النجباء وعشرة من عناصر الدفاع الوطني ممن ينتمون للطائفة المسيحية خلال صد للهجوم المباغت، وبأنهم دمروا دبابتين ومدافع ثقيلة، فيما قُتل قائد عسكري كبير من جيش العزة خلال الهجوم المفاجئ الذي نفذته الميليشيات الأجنبية على نقاط ومواقع تمركز الجيش الحر بالقرب من مدينة حلفايا في ريف حماة الشمالي».
وأكد الحموي: «فصائل الثوار بما فيها جيش العزة، أعطوا الأمان لأهالي ومدنيي مدينة محردة، وبأنهم حيدوا المدينة عن الأعمال القتالية بهدف تجنيبها صراعات الحرب».
وكان قد أوضح «الجيش السوري الحر» أن المعارك التي يخوضونها في ريف حماة لن تستهدف مدينة محردة، وذلك بالتزامن مع تحرير العديد من القرى وطرد عناصر النظام والميليشيات الإيرانية، ووجَّه جيش العزة التابع لـ»لجيش الحر» وأحد أبرز الفصائل المشاركة حاليًّا في معارك ريف حماة رسالة إلى المجتمع الدولي حول مدينة محردة ذات الأغلبية المسيحية.
وقال المتحدث العسكري باسم الجيش في بيان مصور «إلى أهالي مدينة محردة»: «يحاول النظام والاحتلال الروسي المتاجرة بقضية الأقليات واللعب على الطائفية، ونريد أن نوضح للمجتمع الدولي وأهالي محردة أن المدينة ليست هدفاً لنا».
المصدر:القدس العربي