يبدأ موسم الفريكة في الشمال السوري مع الأيام الأولى لشهر أيار/مايو حيث تكون السنابل قد امتلأت بالقمح، ويحدد المزارعون موسمها بأنه يبدأ قبيل حصاد الشعير بأيام، بينما تتنوع طريقة حصاده وحرقه في الوقت الحالي مع تقدم التكنولوجيا.
في بلدة كللي شمال إدلب يجهز أبو عبدالله نفسه للبدء بموسم الفريكة، لكنه هذه السنة لن يستخدم اليد العاملة في قطاف سنابل القمح مثل كل عام، وبدلاً من ذلك حصد موسمه بالحصادة اختصاراً للوقت والجهد.
يقول أبو عبدالله “كنا نستخدم المنجل في قطاف سنابل القمح يدوياً، ويأخذ منا جهداً كبيراً ووقتاً أكبر إذ نظل ما يقارب عشرة أيام نعمل في الأرض بين القطاف والحرق من ثم استخراج حب الفريكة، كل ذلك الجهد اختصرته الحصادة اليوم إذ لا تحمل تلك العملية معنا بضعة ساعات فقط”.
ويؤكد أبو عبدالله أن استخدام الحصادة اليوم في عملية تجهيز الفريكة وفرت الكثير من الجهد، في حين لا تزال العملية بحاجة لعدد لا بأس به من اليد العاملة فهو يحتاج ما يقارب من عشرة إلى عشرين عاملاً للحرق والنقل، بينما الحصادة تقطف السنابل من ثم تحصدها.
تبقى تكاليف إنتاج الفريكة عائقاً أمام المزارعين والذي يؤدي حتماً إلى ارتفاع سعر الكيلو الواحد منها، فمنذ البذار وحتى البيع يضع المزارع تكاليف عديدة بدايةً من البذار وارتفاع ثمنه ومن ثم الأسمدة التي ترش على الأرض، واستخدام الحصادة في القطاف التي ترتفع تكاليفها لارتفاع ثمن مادة المازوت، وأخيراً اليد العاملة المستخدمة والتي تتراوح أجورهم بين 50 و 100 ليرة تركية كأقصى حد.
طقوس خاصة للفريكة وأجور زهيدة يتقاضاها العمال
لا تعجب “محمد الأحمد” أجرته اليومية خلال عمله في الوقت الحالي بموسم الفريكة، ويقول أن تعرضه للمخاطر والتعب الشديد بين ألسنة اللهب لساعات طويلة ينتهي بأجرة يومية تصل إلى خمسين ليرة تركية، وتلك الأجرة لا تكفيه ثمن طعام عائلته مستغرباً بين أجرته المتدنية وثمن كيلو الفريكة المرتفع.
ويقول محمد “كل شيء مرتفع من التكاليف وحتى بيع المحصول، إلا أجرة العامل يفاصلك عليها صاحب العمل ويأخذ منك طاقتك وتعبك ولا يوفر عليك جهداً، واليوم في موسم الفريكة ترانا نعمل في حرقها بالحراقات وتلفح وجوهنا النار وملابسنا وأجسادنا تصبح سوداء كالفحم، من ثم نملأ الأكياس ونحملها لأجل خمسين ليرة ثمن طبخة غداء متواضعة”.
أما عن الطقوس الخاصة يستذكرها عبدالرحمن أحد النازحين من ريف إدلب الجنوبي إلى مخيمات الشمال السوري حيث يجلس هناك بعيداً عن أرضه متحسراً على مافات، ويقول “كانت العائلة بأسرها تجتمع ونعمل بكل فرح وسرور، وتوزع المهام بين القطف والحرق والغربلة، وكنا بعد حرق الفريكة نضعها على الطريق حتى تدوسها السيارات المارة وتخرج الحبوب بدلا من استخدام الحصادات”.
ويؤكد عبدالرحمن أن موسم الفريكة حساس جداً، وحتى ينجح في استخراج حبوب مميزة لا بد من الانتباه لكل خطوة من خطوات صنعها، بداية من قطاف سنابل القمح بعد امتلائها بالحبوب، وأن لا يتعجل المزارع أو يتأخر في قطافها، من ثم تحرق تلك السنابل بعناية وفي يوم فيه حركة رياح خفيفة، وفي حال إمطار السماء على الفريكة يفسد المحصول ويخسر المزارع أتعابه جميعها.
تقرير خبري/ إبراهيم الخطيب
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع