اتهمت موسكو الدول الغربية اليوم (الأحد) بضخ المساعدات الانسانية على الرقة لاخفاء حجم الدمار الذي لحق بالمدينة بفعل قصف قوات التحالف، معتبرةً أن الولايات المتحدة تبالغ في أهمية استعادة الرقة في إشارة الى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس ان استعادة المدينة تعني «نهاية خلافة تنظيم الدولة ».
وأضافت وزارة الدفاع الروسية في بيان أن واشنطن تبالغ في تقدير الأهمية الاستراتيجية لسقوط الرقة، مؤكدةً أن «تصريحات المسؤولين الممثلين للإدارة الاميركية عن تحقيق انتصار بارز في الرقة تدعو إلى الحيرة». وأشارت إلى أن الرقة مدينة أصغر حجماً من دير الزور، حيث تقوم القوات السورية الحكومية المدعومة روسيا بعملية لتحريرها من قبضة تنظيم الدولة.
وذكرت أن قصف التحالف الدولي بقيادة أميركية على الرقة كانت له الآثار المدمرة ذاتها التي شهدتها مدينة دريسدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية «التي دمرت تماماً بالقصف الأميركي – البريطاني»، موضحةً أن التحالف يحاول إخفاء حجم الدمار بالمسارعة الى تقديم مساعدات انسانية.
وفي ما يتصل بالمساعدات الإنسانية، قالت الوزارة إن الغرب رفض تكراراً مطالباً بإرسال مساعدات انسانية دولية إلى سورية. وأضافت أن «الهدف هو طمس اي اثار للقصف الهمجي للطيران الاميركي و(طيران) التحالف الذي دفن تحت ركام الرقة آلافاً من المواطنين المسالمين المحررين من التنظيم.
وتنفذ روسيا بدورها حملة قصف جوي في سورية منذ العام 2015، حين تدخلت لدعم حليفها الرئيس السوري بشار الأسد وحولت دفة الصراع لصالحه.
وكان ترامب قال في بيان اصدره البيت الأبيض أنه «مع تحرير عاصمة تنظيم الدولة والجزء الأكبر من الأراضي التي كان يسيطر عليها، باتت نهاية خلافة التنظيم وشيكة»، موضحاً أن الانتصار الذي حققته «قوات سورية الديموقراطية»، ينبئ بالانتقال قريباً الى «مرحلة جديدة» في سورية.
وتابع: سننتقل قريباً الى مرحلة جديدة سنعمل خلالها على دعم القوى الأمنية المحلية وخفض العنف في أنحاء سورية وتهيئة الظروف لسلام دائم ليتعذر على الإرهابيين العودة الى تهديد امننا المشترك مجدداً». وأكد «ندعم مع حلفائنا وشركائنا إجراء مفاوضات ديبلوماسية تضع حداً للعنف وتسمح للاجئين بالعودة الى ديارهم آمنين وتؤدي الى انتقال سياسي» في سورية.
ولم يتحدث ترامب عن مصير رأس النظام بشار الأسد، ولا عن الدور الذي ستؤديه موسكو في تلك المفاوضات، وهما مسألتان ادتا الى تعطيل مناقشات سابقة.
وبينما ابدت العواصم الاوروبية اصرارها على رحيل الاسد، شدد ترامب على ان عملية الانتقال السياسي يجب ان «تحترم ارادة الشعب السوري».
وترعى كل من روسيا وايران، أبرز حلفاء دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة، محادثات سلام في استانا تم التوصل خلالها الى اتفاق على اقامة اربع مناطق خفض توتر في سورية.
وتبقى الخلافات السياسية الكبرى قيد النقاش في محادثات موازية تنظمها الامم المتحدة في جنيف، لكن جولاتها السبع لم تحقق اي تقدّم يُذكر.
وتشكل استعادة الرقة التي جعلها التنظيم المتطرف بحكم الواقع «عاصمة» له في سورية آخر انتصارات «قوات سورية الديموقراطية» تحالف الفصائل الكردية والعربية المدعوم من واشنطن، بعدما طردت التنظيم من مناطق عدة منذ العام 2015 وفرضت نفسها قوة أساسية في محاربته.
ومني «تنظيم الدولة» بخسارة ميدانية جديدة أمس مع استعادة الجيش السوري وحلفائه السيطرة على مدينة القريتين في محافظة حمص في وسط البلاد، وفق ما نقلت «وكالة الأنباء الرسمية السورية» (سانا).
وكان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون قال أول من أمس إن «تحرير الرقة خطوة حاسمة في الحرب العالمية ضد تنظيم الدولة، لكنه حذر من ان «استعادة الرقة لا تعني ان معركتنا ضده انتهت».
وتابع «سيواصل التحالف الدولي الاعتماد على جميع عناصر القوة الوطنية عسكرياً واستخباراتياً وديبلوماسياً واقتصادياً وامنياً إلى أن يحرر جميع السوريين من وحشية التنظيم وأن يتم التأكد من أنه بات عاجزاً عن تصدير الارهاب الى العالم».
وفي السياق نفسه، أعلنت «قوات سورية الديموقراطية» اليوم سيطرتها على حقل العمر، أحد أكبر حقول النفط في سورية، في خطوة قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» انها جاءت بعد ثلاثة أيام من انسحاب تنظيم الدولة منه.
ويعد حقل العمر الواقع في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور من أكبر حقول النفط في سورية. ووصل انتاجه قبل اندلاع النزاع الى ثلاثين ألف برميل يومياً. وشكل أبرز مصادر تمويل لـ«داعش» بعدما سيطر عليه صيف العام 2014 قبل ان ينخفض انتاجه
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن إن سيطرة «قوات سورية الديموقراطية» على الحقل “جاءت بعد ثلاثة أيام من انسحاب تنظيم داعش منه وتنفيذ مقاتليه هجوماً معاكساً على مواقع قوات النظام في محيط الحقل ليلة أمس، أدى الى ابعادها عنه».
ويقع حقل العمر على الضفة الشرقية لنهر الفرات على بعد نحو 10 كيلومترات شرق مدينة الميادين التي استعادتها قوات النظام من الجهاديين قبل أسبوع.
وسيطرت هذه القوات وفق «المرصد» أيضاً على حقل الصيجان النفطي الواقع الى الشمال من حقل العمر.
وتشكل محافظة دير الزور الحدودية مع العراق مسرحاً لهجومين منفصلين: الأول تقوده قوات النظام بدعم روسي في المدينة في شكل خاص في إطار سعيها الى طرد المتطرفين من بعض أحيائها الشرقية، وفي الريف الغربي الذي تحاول منه الالتفاف نحو الريف في الجنوب الشرقي. أما الهجوم الثاني، فتنفذه «قوات سوريا الديموقراطية» في الريفين الشمالي والشمالي الشرقي.
الحياة