عكست زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى موسكو رغبة روسيا في الاقتراب أكثر من دول الخليج سواء بالتشاور المستمر حول أزمات المنطقة، وخاصة الملف السوري، وضبط حلول تراعي مصالح الدول الإقليمية، أو بتنشيط التبادل التجاري والاقتصادي وإحداث نقلة نوعية في العلاقة بين البلدين.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عند لقائه الخميس الشيخ محمد بن زايد، “إنه من المهم جدا وفي الوقت المناسب، تبادل المعلومات معكم حول الوضع في المنطقة، والتحدث حول إمكانية ما يمكننا القيام به معا، في مكافحة الإرهاب الدولي. وبطبيعة الحال، لتحديد خطط طويلة الأمد في التجارة والمجال الاقتصادي”.
وأكد بوتين على أن بلاده تُعلق أهمية كبيرة على تطوير العلاقات الثنائية مع الإمارات، لافتا إلى أن هذه العلاقات دائما كانت مبنية على أساس من الصداقة والمصالح المشتركة. كما أشار بوتين إلى أن الوقت مهم جدا لتبادل المعلومات حول الوضع في المنطقة.
وأكد الشيخ محمد بن زايد على أهمية بناء علاقات متكاملة تخدم مصالح البلدين في كافة المجالات وخاصة الاقتصادية والتبادل التجاري وسبل تطويرها وتنويعها.
وأشار ولي عهد أبوظبي إلى أن الإمارات حريصة على التشاور مع روسيا حول القضايا الإقليمية والدولية، وتتطلع إلى دور روسي فاعل وبناء في تحقيق الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط.
وجدد موقف الإمارات الثابت في العمل على دعم أسس الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم من خلال التعاون الإيجابي مع الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة، ومن ضمنها روسيا.
ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن دنيس مانتوروف وزير الصناعة والتجارة الروسي قوله إن روسيا تجري محادثات لتزويد الإمارات “ببضع عشرات” من طائرات سوخوي- 35 المقاتلة.
وأضاف مانتوروف أن الرئيس الروسي بحث مع ولي عهد أبوظبي الملف السوري، مشيرا إلى أن مواقف البلدين حول هذه المسألة متطابقة جدا”.
واعتبر مراقبون أن روسيا تسعى لاستثمار الزيارة لتأكيد اقترابها من الموقف الخليجي والعربي في الملف السوري، فضلا عن تأكيد تمايزها عن إيران، وأنها لا تسعى من وراء تدخلها في سوريا إلى تثبيت مكاسب طهران والميليشيات الحليفة لها، وأنها تدفع لإنضاج حل سياسي متوازن في مرحلة أولى قبل أن تدعو القوات والميليشيات الأجنبية إلى الانسحاب وترك السوريين يديرون خلافاتهم عبر الحوار.
وتبدو الزيارة مهمة في توقيتها بالنسبة إلى موسكو في ضوء عودة واشنطن القوية إلى المنطقة وسعيها لاستعادة ثقة الخليجيين من بوابة الهجوم على إيران، والتعهد بقصقصة أذرعها في اليمن ولبنان والعراق.
وأشار المراقبون إلى أن روسيا يمكن أن تراهن على الإمارات لجسر الهوة مع الدول العربية في ما يتعلق بالملف السوري في ضوء اتفاق الدولتين على أولوية الحرب لأجل تفكيك التنظيمات الإرهابية وتوفير الأرضية اللازمة لإنجاح الحل السياسي.
ولفتوا إلى أن الإمارات يمكنها أن تلعب دورا أساسيا في الخروج بالمنطقة من حالة الصّدام والتوتّر إلى الحوار والتفاهم السلمي، بوصفها داعما للاستقرار ولما تتميز به دبلوماسيتها من هدوء ومصداقية لدى أغلب الدول، لا سيما القوى الكبرى.
العرب اللندنية