مئات الأشخاص توقفت أعمالهم، ونساء كثيرات خسرن وظائفهن، والعديد منهن يعشن دون لا معيل، أثرّت الحرب على المواطن السوري وأودت بالاقتصاد الى حد الانهيار، ما أدى بالمواطن الى البحث عن طرق بديلة يكسب بها لقمة عيشه، يتلاءم بها مع الوضع الجديد للحالة الاقتصادية المزرية، نلحظ في الآونة الأخيرة انتشاراً واسعاً لمحال تجارية وبسطات تبيع المؤونة، التي تعتبّر من الأعمال الموسمية المرتبطة بفصل الصيف لما فيه من توفر لشتى أنواع المأكولات النباتية والحيوانية.
ظاهرة قديمة أخذت أشكالا جديدة، تسمح للعديد من الرجال والنساء وحتى الأطفال بالعمل بها، لأنها تعد من المهن التي لا تحتاج الى رأس مال ولا يحتاج العمل بها الى مغامرة تجارية، حيث تقل نسبة الخسارة، لما لها من رواج في السوق.
أسرة أبي أحمد تعمل كلها من كبيرها الى صغيرها في هذه المهنة، فيحضر ابنه الكبير أحمد المواد الأساسية من لبن وحليب وخضار من سوق الهال “بفيق من الخمسة الصبح بعد الصلاة بنزل جيب كل شيء من سوق الهال” يخبرنا أحمد.
تؤسس هذه المهنة نوعا من التعاون الأسري في العائلة العاملة بها فهي تحتاج العمل الجماعي فكل فرد له دوره فيها، فبعد أن يحضر أحمد المواد الأساسية تبدأ أم أحمد بإعدادها للبيع، ومن ثَّم يأخذها الأب والأطفال الصغار ليعرضوها في أمكنة عدة على شكل بسطات “ليحصلوا على أفضل نتيجة بالبيع” كما حدثنا أبو أحمد.
ولا يمكن أن ننسى كم ساعد بيع المؤونة النازحين الوافدين من خارج مدينة إدلب الذين لجؤوا للمدينة على اعتبارها مدينة هادئة نسبيا وخصوصا بعد هدنة (الفوعة وكفريا- الزبداني) بالإضافة الى رخصها نوعا ما بالأسواق، ما يساعد النازحين والقاطنين بمدينة إدلب على شرائها.
يقول أبو أسعد وهو يصف حالته أثناء خروجه من ريف حلب إثر اشتداد القصف على بلدتهم في ريف حلب الشمالي “خرجت وعائلتي بسرعة ولم أستطع أن أنقل أغراضي أو حتى مؤونة بيتي لكن – والحمد لله- وجدنا وفرة بشتى أنواع المؤن هنا”.
ورغم كل إيجابيات العمل بهذه المهنة إلا أنها تعاني من بعض المشاكل كغيرها من المهن، يؤثر انقطاع الكهرباء لساعات طويلة على نوعية المأكولات خصوصا الخضار والألبان، بالإضافة الى أجور نقل المواد من والى السوق وتحديدا عند ارتفاع سعر البنزين أو المازوت.
أعمال عديدة يجتهد السوري بالعمل بها تزامنا مع الضغط الاقتصادي للبلد؛ ليبقى مستمراً بالحياة متجاهلاً كل الصعوبات التي تواجهه، فهو كشعب سوري تعلّم على مدى خمس سنوات من الحرب كيف يتأقلم مع وضعه الحالي ويتجاوز المحن وخصوصا الاقتصادية منها، ويثبت للعالم صموده وتجذره بالحياة.
المركز الصحفي السوري – آية رضوان…