لم تنتظر روسيا أكثر من يومين على إسقاط طائرتها من قبل القوات التركية حتى أعلنت عن نشر نظام الدفاع الجوي الأحدث في العالم حالياً والمعروف باسم “إس 400″، في مطار حميميم العسكري بريف اللاذقية، في رسالة روسية واضحة مفادها بأنها لن تتوانى عن الرد بالمثل ضد أي طائرة تركية قد تخترق الأجواء السورية، وخصوصاً مع عودة حديث القيادة التركية عن ضرورة إنشاء منطقة آمنة شمال سورية تمتد من مدينة جرابلس في ريف حلب، وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط شمال اللاذقية.
تسمح منظومة الدفاع الجوي الصاروخية التي نشرتها روسيا في ريف اللاذقية، لموسكو بإسقاط أي هدف جوي على بُعد 400 كيلومتر من مكان وجود المنظومة في مطار حميميم الذي يبعد نحو 23 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة اللاذقية. ويعني ذلك أن روسيا قد فرضت عملياً حظراً جوياً على الطائرات غير المرغوب بها في دائرة نصف قطرها 400 كيلومتر، ومركزها في مطار حميميم. وبالتالي يشمل هذا الإجراء كامل الأجواء السورية باستثناء مناطق محدودة شرق سورية وجنوبها وأجواء كامل لبنان وشرق البحر المتوسط وقبرص ومناطق شمال إسرائيل وجنوب تركيا.
وتتميّز منظومة “إس 400” التي نشرتها روسيا بمواصفات فنية جعلتها من أفضل منظومات الدفاع الجوي في العالم حالياً، إذ ذكرت مصادر صحافية روسية إبان نشر المنظومة في سورية أنها نظام دفاع جوي قادر على رصد وتدمير الأهداف من على بُعد 400 كيلومتر من مكان وجوده. وتشمل تلك الأهداف الطائرات والصواريخ البالستية وصواريخ كروز، ويصل مدى المنظومة إلى 3.500 كيلومتر وبسرعة 3 أميال في الثانية فضلاً عن تمكّنها من كشف الطائرات الشبحية. كما أنها يمكن أن تتابع 300 هدف في وقت واحد، وتستطيع ملاحقة الأهداف التي يراوح ارتفاعها بين 100 متر و27 كيلومتراً. كما تتميّز المنظومة بسرعة نشرها من مخابئها، حيث يمكن أن توضع في الخدمة خلال خمس دقائق فقط.
ويجعل كل ذلك من منظومة “إس 400” التي تم تطويرها في نهاية التسعينات قبل أن تدخل الخدمة في الجيش الروسي في العام 2001، متفوّقة بأشواط على منظومة “إس 300” السوفييتية التي دخلت الخدمة نهاية السبعينات ومنظومة “باتريوت” الأميركية التي دخلت الخدمة في الجيش الأميركي في بداية الثمانينات وتم بيعها في ما بعد إلى عدد كبير من الدول الحليفة للولايات المتحدة الأميركية.
ولا يزال استخدام منظومة “إس 400” للدفاع الجوي مقتصراً على روسيا التي تملك 112 وحدة منها موزعة على سبعة أفواج للدفاع الجوي، فيما يتوقع أن تحصل الصين على هذه المنظومة بعد ما بين 12 و18 شهراً من توقيع الصفقة مع روسيا.
ولا يشكل إدراج روسيا لهذه المنظومة المتطورة أي إضافة في حملتها الجوية التي تشنّها ضد المعارضة السورية، إذ إن قوات المعارضة السورية لا تملك أصلاً أي قوات جوية أو صواريخ بالستية. وبالتالي فإن نشر هذه المنظومة يستهدف إيصال رسائل سياسية لعدد من الدول، بينهم تركيا بالدرجة الأولى.
وفي السياق، يعتبر الملازم محمد العمر، الذي يعمل مع قوات المعارضة السورية شمال سورية، أن نشر هذا النوع المتطوّر من أنظمة الدفاع الجوي في سورية سيؤدي إلى دعم موقف قوات النظام السوري وقوات تنظيم “الدولة الإسلامية” بشكل كبير وبشكل غير مباشر، فضلاً عن تأخيره مشروع إنشاء منطقة آمنة خالية من التنظيمات المتطرفة ومحمية من هجمات النظام السوري الجوية لتستقبل هذه المنطقة المدنيين الهاربين من الحرب في سورية، ذلك أن الطيران التركي لن يتمكن من دخول الأجواء السورية تحسباً لاستهدافه من قبل الروس بصواريخ “إس 400” ذات الفعالية العالية.
كما يرى العمر أن نشر روسيا لهذه المنظومة سيقدّم مزيداً من الدفع لحلفاء روسيا الميدانيين في سورية ليشنّوا مزيداً من الهجمات على قوات المعارضة السورية في شمال البلاد.
العربي الجديد