منذ إطلاق الجيش التركي أولى عملياته العسكرية في شمالي سوريا (درع الفرات) عام 2016، وضعت تركيا نصب أعينها السيطرة على المنطقة الحدودية من منبج ومنطقة تل رفعت الاستراتيجية، وسعت إلى ذلك خلال عمليتي “غصن الزيتون” ولاحقاً “نبع السلام” إلا أنها لم تتمكن من ذلك نتيجة التعقيدات السياسية والعسكرية مع الجانبين الأمريكي والروسي طوال السنوات الماضية.وفق جريدة القدس العربي
وطوال السنوات الماضية، هددت تركيا مراراً بالقيام بعمليات عسكرية للسيطرة على منبج وتل رفعت، وحشدت قواتها في أكثر من مرة، وهو ما كرره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، حيث هدد بأن العملية العسكرية التي تهدد تركيا بالقيام بها منذ أيام في شمالي سوريا سوف تستهدف منطقتي منبج وتل رفعت، ما أعاد المنطقتين إلى الواجهة مجدداً.
تقول أنقرة إن تل رفعت تعتبر القاعدة الأساسية للوحدات الكردية للقيادة والتخطيط وإعداد المتفجرات والصواريخ لتنفيذ الهجمات ضمن مناطق انتشار الجيش التركي.
وما زال من المبكر جداً التكهن حول ما إن كانت التهديدات التركية هذه المرة سوف تتحول بالفعل إلى عملية عسكرية ضد هذه المناطق، أم أنها ستكون حلقة جديدة في سلسلة التهديدات السابقة، التي انتهت دون مهاجمة المناطق التي باتت رهينة لحسابات سياسية وعسكرية معقدة، تدخل في إطارها روسيا وأمريكا وقوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية، إلى جانب الوحدات الكردية التي تنتشر في هذه المناطق بشكل مباشر.
وفي السابق، لعبت روسيا دوراً محورياً في إعاقة المخططات التركية السابقة للسيطرة على منبج وتل رفعت، حيث يتمتع الجيش الروسي بالكلمة العليا في تلك المناطق، التي تقول تركيا إنها تتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة، وأن تنظيم بي كا كا والوحدات الكردية يتخذانها معقلاً ومقراً لشن الهجمات على القوات التركية المنتشرة في شمالي سوريا والحدود التركية.
وتقول أنقرة إن تل رفعت تعتبر القاعدة الأساسية للوحدات الكردية للقيادة والتخطيط وإعداد المتفجرات والصواريخ لتنفيذ الهجمات ضمن مناطق انتشار الجيش التركي في حدود عمليات “نبع السلام ودرع الفرات وغصن الزيتون”، كما تقول إن السيطرة على منبج مهمة جداً من أجل قطع التواصل بين مناطق سيطرة الوحدات الكردية، وضرب مخطط إقامة ما تسميه أنقرة “كياناً انفصالياً إرهابياً” تعتبره بمثابة “التهديد الأول للأمن القومي التركي”.
وعلى الدوام ارتبطت العمليات العسكرية التركية في شمالي سوريا بالحسابات السياسية قبل العسكرية، واحتاجت أنقرة للتوصل إلى تفاهمات سياسية متفاوتة لمنع الاشتباك قبيل عملياتها السابقة في سوريا، ولكنها لم تنجح في إقناع روسيا وأمريكا بتجنب الاشتباك في حال تنفيذ عملية عسكرية تهدف للسيطرة على منبج وتل رفعت.
وهذه المرة، لا يعرف ما إن كانت أنقرة قد نجحت أو أنها ستنجح بالفعل في الأيام المقبلة بالتوصل إلى اتفاق مع الجانبين الروسي والأمريكي لمنع الاشتباك في تل المناطق للبدء بتنفيذ العملية، أم أن أنقرة اتخذت قرارها بشكل قطعي بالبدء بالعملية حتى لو لم يتم التوصل إلى هذه التفاهمات، لا سيما عقب تصريحات أردوغان وعدد من وزراءه بأن بلادهم “لا تحتاج إذن من أحد” من أجل مواجهة التهديدات الإرهابية التي تهدد أراضيها.
والأربعاء، قال أردوغان إن بلاده بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة بشأن قرارها إنشاء منطقة آمنة على عمق 30 كيلومترا شمالي سوريا، و”تطهير منطقتي تل رفعت ومنبج من الإرهابيين”، وقال في كلمة أمام الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم: “من يحاولون إضفاء شرعية على تنظيم “بي كا كا” الإرهابي وأذرعه تحت مسميات مختلفة لا يخدعون إلا أنفسهم”، معتبراً أن “الجهات التي تقدم السلاح للإرهابيين مجانا وتمتنع عن بيعه لتركيا تستحق لقب دولة إرهاب لا دولة قانون”.
أردوغان: “لا نحتاج إذن من أحد” من أجل مواجهة التهديدات الإرهابية التي تهدد أراضيها.
والثلاثاء، أكد أردوغان أن “إنشاء منطقة آمنة على الحدود الجنوبية لبلاده بعمق 30 كم بات ضرورة ملحة”، وذلك في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وهو ما اعتبر بمثابة رسالة تركية رسمية لروسيا بنية أنقرة القيام بعملية عسكرية قريبة في تلك المناطق.
وتعتقد أطراف تركية مختلفة بقدرة أنقرة على إقناع روسيا وأمريكا بإفساح المجال أمام قواتها للتحرك ضد الوحدات الكردية هذه المرة، وذلك استناداً إلى الحسابات السياسية والعسكرية الجديدة التي فرضها الحرب في أوكرانيا لا سيما تزايد المصالح التركية الروسية إلى جانب رغبة واشنطن في ترغيب تركيا بدعم طلب قبول فنلندا والسويد في حلف الناتو وذلك من خلال إبداء تفهّمها لحاجة أنقرة لمحاربة التهديدات الإرهابية ضد أراضيها.
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع