بعد أن اكتظ الشمال السوري بالنازحين والمهجرين قسرا من مناطق مختلفة في سوريا، أخذ موالو النظام والشامتين بخروج أولئك المستضعفين من ديارهم باللعب على وتر الترهيب والتخويف لأهالي تلك المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، فعجت صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بكثير من الترهات والتوقعات غير المنطقية المتمثلة بخطة النظام المستقبلية بعد انتهائه من تهجير ماتبقى من أهالي حي الوعر والغوطة الشرقية بالتفرغ لهم ومحاصرتهم مستعملين مصطلح الإبادة الجماعية لهم وأن نظامهم سيبقى المسيطر في النهاية.
ورغم التهديدات والتوعدات من قبل موالي الأسد بخطة رسموها من وحي خيالهم والتي مفادها الضغط على أهالي تلك المناطق إعلاميا وخوضهم حربا نفسية تضعف قوتهم وتشتتهم وتفقدهم الثقة بمبادئ ثورتهم التي خرجوا من أجلها لبث الرعب في نفوسهم وليعيشوا حالة من عدم الاستقرار النفسي والاجتماعي ولتحريضهم على ما يسمونه بحسب تعبيرهم “العودة لحضن الوطن” فلا خيار أمامهم سواه، إلا أن من ذاق كافة أنواع العذاب والمعاناة لم يعد يكترث أو يقم اعتبارا لأولئك المتفرغين الذين جل همهم إثباط عزيمتهم وقهر إرادتهم.
ومن يعش في مناطق الشمال السوري المحرر يدرك تماما أن الحرب النفسية التي يتعمدون خوضها لن تنفع، ولعل توجه سكانه نحو الاستقرار خير دليل على ذلك، فعجلة الحياة مستمرة، وإصرارهم على البقاء دفعهم للبحث عن فرص للعمل وإنشاء مشاريع تنموية حتى ولو كانت بإمكانيات متواضعة.
وعلى سبيل المثال، قام المجلس المحلي في مدينة معرتمصرين بريف ادلب الشمالي، بإنشاء معمل صغير لصناعة أكياس النايلون، وصرح أحد العمال فيه أن الهدف منه خلق فرص عمل لكثير من الشبان ممن لا دخل لهم، فضلا عن تحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم الحاجة لاستيراد الأكياس وبذلك يوفرون المال.
أما في ادلب المدينة، يقول أحد تجار السوق:” نظرا للازدحام الذي تشهده أسواق المدينة وبالأخص يما يتعلق بالمأكولات، قررت أن أفتتح محلا لبيع المثلجات والعصائر والكوكتيلات كوننا مقبلين على فصل الصيف ودرجات الحرارة تأخذ بالارتفاع، فاعتبر بعض أصدقائي ما أقوم به مغامرة قد أخسر فيها رأس المال، لكنني على يقين أن الحياة ستستمر ولن تتوقف عند تهديدات أو قصف”.
وبغض النظر عن المشاريع الخدمية أو تلك التي تؤمن فرصا للعمل، فقد توجه السوريون نظرا للكثافة السكانية لإعادة إعمار الأبنية المتهدمة بفعل القصف وإلى بناء مساكن جديدة لاستيعاب أعدادهم المتزايدة بفعل خطة التهجير التي زجت بهم في مناطق الشمال، فهل ستشهد مناطق المعارضة استقرارا لساكنيها أم أن النظام سيواصل خططه في استهدافهم بشتى أنواع الأسلحة المتاحة لديه؟، وبالأخص بعد أن كثر الحديث عن إقامة مناطق آمنة فيها عبر مؤتمر أستانة 4 الذي يجري التفاوض عليها حاليا.
المركز الصحفي السوري_سماح الخالد