خلفت الأزمة السورية بعد أكثر من أربع سنوات من الصراع، آلافاً من الأطفال الأيتام الذين فقدوا أحد والديهم أو كليهما، ويوجد في سوريا أكثر من 280 ألف شهيد، قدموا حياتهم دفاعا عن حريتهم وكرامتهم التي سلبهم اياها نظام الأسد، وتركوا ورائهم عشرات الألاف من الأطفال الأيتام الذين فقدوا آباءهم ومعيلهم في سوريا.
يعيش أطفال سورية نتائج العنف بكل أشكاله: يُقتلون، يُعتقلون، يُخطفون، يفقدون أجزاء من أجسادهم الطريّة ومن أرواحهم أيضاً، دوي المدافع يكاد يصم آذانهم، وأزيز الطائرات يروّع قلوبهم، وأروحهم لا تعرف الراحة، ذهنهم مشتّت ويصعب عليهم التركيز، بينما لا تفارق ذهنهم صور الموت والدم والدمار، والأمر الأصعب يتجسّد في الأطفال الذين فقدوا أهلهم و أحبتهم، ويفقدوا الإحساس بالحماية، وهي من أهم حاجاتهم النفسية، وبحسب تقارير منظمة إنقاذ الطفولة فإن طفلا واحدا بين كل ثلاثة أطفال سوريين تعرض لإطلاق النار أو الضرب أو الطرد من البلاد، مبينة أن خمسة ملايين طفل يحتاجون لتدخل ومساعدة ملحة وأن 2.8 مليون طفل فقدوا مدارسهم.
كثيراً ما يُلبس المجتمع كل ضحية صغير فقد أخاً أو أباً أو أماً، أدواراً أكبر منه في أيام السلم، فما بالك في أوقات الحرب عندما يدفع الأهل والأحبة أثماناً غالية كل يوم، عندها لا وقت لمراعاة مشاعر الطفل ومراقبه نموّه العاطفي وتوازنه النفسي.
“سليم” البالغ من العمر 12 عام فقد والده عندما تعرضت مدينته خان شيخون بريف إدلب الجنوبي لقصف بالبراميل المتفجرة، وهو الآن يقوم بدور والده معيلا لأمه وأخوته الصغار، يقول سليم: “لقد تركت المدرسة لأعمل في بيع المحروقات، وأقدم لأمي وأخوتي كل ما يحتاجونه وأصرف عليهم من عرق جبيني، ولا ادعهم يحتاجون ويمدون يدهم للناس”.
لكل طفل الحق في التعليم الأساسي على الأقل، لكنّ الكثيرين قد حرموا من هذا الحق في مناطق واسعةٍ من سوريا نتيجة للأزمة التي تعصف بالبلاد، فمئات الآلاف من الأطفال لم يذهبوا إلى المدارس منذ ما يزيد عن الأربعة أعوام.
إعادة هؤلاء الأطفال إلى مدارسهم وتوفير العناية والأمان لهم، سوف يخفف من معاناتهم و يدعم إعادة الاستقرار لحياتهم في المستقبل القريب، لكي لا يتمكن تجار الحروب وعديمي الأخلاق والضمير من استغلال هشاشة وضعهم، والظروف الخطرة وغير المستقرة التي يعيشونها من دون أهل أو بيت أو أي مورد، وبالتالي هذا يساعد في معالجة أسباب الفقر من جذورها.
لا حاجة إلى الاسترسال أكثر عن شرح الفظائع التي تحدث في سوريا، فالطفل الذي يخرج من تحت أنقاض منزل المدمر وقد فقد والديه هو سوري، والبيت الذي يُدمَّر سوري والاقتصاد الذي ينهار سوري، والخريطة التي تتمزّق سورية، الخسائر الاقتصادية رهيبة، تكفي الإشارة إلى أن إعادة إعمار سورية وحدها تحتاج إلى أكثر من ثلاثمئة بليون دولار، هذا إذا توقفت الحرب الآن.
لنمسح بعض آثار الظروف القاسية من على وجوه أطفالنا، وأبناء شهدائنا الذين ضحوا بحياتهم لننال حريتنا، ونزرع الفرحة في قلوبهم ونعيد البسمة إلى وجوههم.
اتحاد الديمقراطيين السوريين – علي الحاج احمد