“إما الأسد أو نحرق البلد” مقولة لطالما رددها شبيحة النظام وأعوانه على مدار سنين من عمر الثورة السورية، حتى لم يبقى هناك بلد فرأس النظام مستعد إلى أن يبقى وإن لم يبق شعب سوري، مع قضية الحكم الأساسية نتكلم عن نظام مضى في استمرارية الظلم الممنهج فقتل وسجن وأخفى آخرون بلا أثر، وسعى بكل ما لديه لإزالة الشهود عن المشهد.
“أبو عبدالله” (47 عاماً) من مدينة إدلب شاهد على ظلم همجي يوثق لنا من خلال حديثنا معه عن جرائم ارتكبت بحقه وحق معتقلين آخرين ممن رافقوه رحلة الاعتقال المريرة، قائلاً: “دعيت للتحقيق في أفرع أمنية عدة قبل أن أزج في سجن صيدنايا العسكري الغني عن التعريف السيء السمعة، على الرغم من أن اعتقالي قبل العمليات العسكرية المسلحة في سوريا، لكن كان الحراك المسلح شغال.. وملف الاعتقال القسري والتعسفي مفتوح وبشراهة”.
جلس أبو عبدالله على جنبه الأيمن متجنباً ألام مفاصله ودمدم آهات الألم قبل مواصلة الحديث وبدعاء خارج من القلب قائلاً: “الله يحمي ويجنب كل سوري من الدخلة على سجون النظام ويطعمها لكل موالي له، ليعلم مدى سوء المعاملة، مع الركل بالأقدام بدت رحلة الألم حينها علمت أن السواد أول أصدقائي”.
نهض شاهدنا من على الأرض ليمشي بضع خطوات ليخف أوجاعاَ جسدية خرجت معه من المعتقل وأضاف: “بطحت أرضاً وانهال الضرب المبرح الجسدي بتواصل وفي كل الاتجاهات، أربعة شبيحة علت مظاهر القسوة على وجوههم وأظهرت أيديهم الخشنة وعضلاتهم المفتولة نواياهم في ارتكاب جرمهم بحق الانسان الذي سقط بينهم، بوحشية كسرت أضلاع صدري ومع إصرار رفضي للتوقيع على أوراق ادانتي، يزيد الإصرار والمبالغة في الضرب لدرجة التغيب عن الرؤية وفقدان السمع وفقدان الوعي، ومن كان جسده ضعيفاً غدى شهيداً جميلاً بصمت مظلم وتكتم معتاد”.
صمت السياسيون وغض الضمير الدولي الطرف فمضى نزيف المعتقلين في سجون نظام الأسد في تزايد وغيب ألاف المساجين عن الحياة الدنيا بألوان مختلفة من التعذيب والانتهاك الجسدي،
أما الموت جوعاً فظاعة لا حدود لها تفوق حد التفكير في مدى الألم بالموت البطيء كونه أصعب من القتل المباشر بالرصاص أو القنص أو حتى قذيفة فتلك جرائم لا تغتفر وجرم يفوق التخيل.
أنهى أبو عبد لله حديثه عن مرحلة مظلمة من حياته بأنات في الصدر وكأنها مدفأة تأبى أن تنطفئ مضيفاً: “لكل حرب نهاية وأهم ما في النهاية وقف آلة القتل وتحقيق العدالة، وإعادة الاعتبار للإنسان السوري الذي تعرض لجميع أنواع الانتهاكات، وهذا لا يتحقق إلا بحاسبة المجرمين وانصاف الضحايا والمظلومين.. الحرية للمعتقلين”.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد