“يتسابقون إلى أقرب نقطة نجاة للحياة، ويبتعدون عن أقرب نقطة موت”، هذا هو حال آلاف السوريين العالقين على الحدود التركية، بعد أن دمر الطيران الروسي كل مايملكون، إلى جانب حصده آلاف الأرواح منهم.
موجات نزوح عامة أكثرها من ريف حلب الشمالي، وريف اللاذقية من جبلي الأكراد والتركمان، إلا أنها هذه المرة بظروف قاسية من برد الشتاء، ونقص كافة المستلزمات، إلى جانب استهداف المخيمات الحدودية بشكل ممنهج لتكون الأراضي الحدودية الملاذ الآمن الوحيد لهم.
أم محمد من ريف حلب الشمالي تقول :” توجهنا لننقذ أنفسنا من الموت، بعد أن حاصرنا جميع الأطراف الإيرانيين والأكراد والتنظيم، مع حربيات روسيا، وهذا السبب الأساسي لخروجنا، لكن لم نعلم أن موتا أكبر سيواجهنا على الحدود المغلقة”.
قدرت مصادر رسمية تركية عدد النازحين السوريين من مناطق في حلب نحو الحدود السورية التركية جراء القصف بأكثر من 70 ألف شخص، في حين قال عبد الجبار خليل، أحد المسؤولين عن مخيمات أوبين،:” إن آلاف العائلات نزحت مؤخراً من المخيمات الحدودية مع تركيا في مناطق ريف اللاذقية التي يسيطر عليها الثوار، باتجاه مدينة إدلب وريفها، في حين ينتظر الآلاف دخول الأراضي التركية”.
أحد العائدين من المخيمات الحدودية في ريف اللاذقية يقول:” عدت مع العشرات من جيراني إلى قريتي حتى ولو كانت يومياً تتعرض لعشرات الغارات والبراميل، فالموت داخل منزلي، أفضل من الموت غريباً في المخيم”.
المناطق الحدودية في ريف اللاذقية بين قريتي أوبين واليمضية تضم أكثر من عشرين مخيماً، إضافة إلى عشرات الخيم العشوائية، تم تأسيس الكثير منها بعد تحرير مدينة إدلب ومدينة جسر الشغور، ومؤخراً تم تأسيس عدد آخر من المخيمات مع بداية الهجوم الروسي ومحاولات قوات النظام التقدم على جبهات الساحل مع استهداف مناطق المدنيين في ريف اللاذقية، كما ذكر موقع عربي 21، خاصة بعد سيطرة قوات النظام على مناطق كثيرة في ريف اللاذقية، فقد استهدفوا بالأسبوع الماضي مخيم أوبين بريف اللاذقية الخاضع ضمن مناطق سيطرة الثوار، مما زاد معاناة النازحين في جميع النواحي.
بينما يتهيأ أكثر من 15 ألف مقاتل عربي للتدخل البري في سوريا في مواجهة تنظيم الدولة وقوات الأسد، كما قرروا أمس في الاجتماع المنعقد في الرياض، تحت مسمى دول التحالف الإسلامي، منها( السعودية، البحرين، تركيا)، يستمر الشعب السوري بمغادرة سوريا، فتبقى سوريا ساحة للصراع بين دول العالم براً وجوا ًبعد فشل مؤتمر جنيف3 في إيجاد حل سلمي للأزمة السورية.
وفي السياق ذاته، قالت رئاسة إدارة الكوارث والآفات التركية بخصوص لاجئي ريف حلب الشمالي أنها وضعت خطة تنظيم للاجئين سبق واتبعتها مع موجة اللجوء من كوباني (عين العرب) حيث وصل إلى تركيا قرابة 200 ألف لاجئ وتم فرزهم وإدخالهم بشكل آمن خلال 3 أيام فقط”.
الخطة تقوم على تفتيش اللاجئين للتأكد من خلوهم من السلاح ثم مدّهم بالغذاء اللازم وتقديم فحص طبي لهم، يليها منحهم بطاقات خاصة ونقلهم إلى المخيمات، كما أعلنت هيئة الإغاثة الإنسانية في تركيا عن بدء بناء مخيم على الأراضي السورية بالقرب من الحدود مع تركيا.
“إلى أين يذهب مصير سوريا، بعد شبه خلوها من شعبها، وحضور الخليط العالمي بعتاده إلى أرضها؟”، يتساءل أبو محمود السبعيني العمر وهو يفترش الأرض على معبر باب السلامة الحدودي، ودموعه تروي ألمه وأسفه لما يحصل في الأم سوريا.
المركز الصحفي السوري ـ محار الحسن