قد يبدو للوهلة الأولى أنّ العنوان يجمع مناطق جغرافية لا علاقة لها سوى أنها تصدرت عناوين أحداث اليوم حيث انتهى في تونس الاستفتاء على دستور قيس سعيد الذي عدّل وبدّل فيه بطريقة أبعد ما تكون عن كتابة دستور الدولة، بل هي أقرب لتأليف رواية يحق للمؤلف الشطب والتعديل فيها على مزاجه ورؤيته الشخصية وكأنّ قيس سعيد يدير مزرعة لا دولة يحتاج الدستور فيها لتوافق وتدارس ومناقشة قبل طرحه للاستفتاء.
أما المنطقة الأخرى التي تصدرت العناوين فهي السويداء التي تشهد انتفاضة شعبية ضدّ ممارسات العصابات المرتبطة بالمخابرات العسكرية للنظام السوري حيث سيطر رجال الكرامة – وهم حركة اجتماعية مسلحة ترفض مشاركة الدروز بقمع الثورة – على مقرّ الأمن العسكري في السويداء.
الحدث الانتخابي التونسي يرتبط بالثورة المضادّة التي تقوم بها الدولة العميقة للأنظمة القمعية من أجل الالتفاف على قرار الشعب ومصادرة اختياره الحرّ بحجّة محاربة الفوضى كما في تونس أو محاربة “الإرهاب” المحتمل كما في مصر السيسي أو حفتر ليبيا أو المجلس العسكري السوداني. حيث استطاعت معظم هذه الأنظمة العميقة إعادة ترتيب صفوفها وامتصاص غضب الناس ثم الانقضاض على الثورة وسحل قادتها في السجون والمعتقلات.
لكن هل استطاعت هذه الأنظمة القمعية أن تنهي شعلة الثورة إلى الأبد بالترهيب أو الاعتقال أو المجازر ؟
الإجابة تأتي اليوم من السويداء حيث خيّبت ظنّ النظام ورفضت هيمنة أجهزته الأمنية المتوحّشة التي تستبيح النّاس وقامت بتحرّك جديد يذكرنا بالثورة في أيامها الأولى وهو ما يؤكّد أنّ الإسراف بالإجرام التي تمارسه الأنظمة العربية لم يفلح في ثني الناس عن الثورة والقيام بهبّة شعبية كلما سنحت الفرصة.
هي رسالة لكل الأنظمة المجرمة التي تعيش على آلام شعوبها أنكم مهما امتلكتم من المكر والخديعة وانقضضتم على الثورة في ضعفها وظننتم أنكم بمكركم أسكتم الشعوب للأبد خرجت لكم هذه الشعوب من تحت الرماد من حيث لا تحسبون مرة ثالثة ورابعة وخامسة وهي تصرخ الشعب يريد إسقاط النظام.
بريطانيا تفرض عقوبات على سوريين لدعمهم العملية العسكرية في أوكرانيا
محمد مهنا
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع