العشرات من العائلات التي يبدو على وجوه أفرادها الشاحبة ملامح الإرهاق والتعب، يتجمعون في حلب بعد فرارهم من معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة.
حلب(سوريا) – في محطة الحافلات الرئيسية في مدينة حلب السورية وتحت أشعة شمس حارقة، يفترش العشرات من الرجال والنساء مع أطفالهم الأرصفة، حيث يستريحون بعد رحلة فرار شاقة من مناطق سيطرة الجهاديين في شمال وشرق سوريا.
عند كاراج الراموسة على أطراف مدينة حلب في شمال سوريا، تتجمع العشرات من العائلات التي يبدو على وجوه أفرادها الشاحبة ملامح الإرهاق والتعب بعد فرارهم من معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في الرقة (شمال) ودير الزور (شرق).
وبعدما شكلت الراموسة العام الماضي معبرا تم من خلاله إجلاء الآلاف من المقاتلين المعارضين والمدنيين من مدينة حلب تزامنا مع سيطرة الجيش السوري عليها بالكامل، تحولت اليوم معبرا للهاربين من جبهات القتال ضد الجهاديين في البلاد.
تتحدث أم حمود عن الرحلة التي قامت بها برفقة أطفالها العشرة ويبلغ أصغرهم ستة أشهر، قائلة “وصلنا إلى هنا بمعجزة”. قبل اندلاع الحرب اعتادت هذه السيدة (45 عاما) الذهاب من الرقة التي تنحدر منها إلى حلب (200 كيلومتر) في رحلة تستغرق ساعتين. إلا أنه ومع اندلاع المعارك في الرقة، تطلبت الرحلة شهرا.
وتوضح أم حمود التي تجهد نفسها في محاولة إرضاع طفلها الصغير الذي لا يكف عن البكاء “تركنا الرقة مطلع شهر رمضان بعدما دفعنا 150 ألف ليرة سورية (نحو 300 دولار) مقابل كل فرد. بالكاد نصدق أننا نجونا”.
ووصلت هذه العائلة إلى حلب بعد رحلة شاقة على متن سيارة “بيك آب”، نجت خلالها من الألغام ومن غارة جوية، وكذلك من قصف الجهاديين الذين يستهدفون الهاربين من مناطق سيطرتهم. وعند وصولها لم تجد أم حمود حلب التي تعرفها من قبل بل وجدتها أحياء غارقة في الركام قد مزقتها الحرب خلال أربع سنوات. وتتذكر متحسرة “زرت حلب مع والديّ عندما كنت طفلة وذهبنا إلى مطعم. كانت مدينة جميلة”.
وكانت الراموسة تعد نقطة عبور استراتيجية، إذ يمر عبرها طريق يقود إلى دمشق. ولا تزال الحواجز المدمرة والسيارات المحترقة بالقرب منها شاهدة على حجم المعارك التي دارت في المنطقة.
وباتت محطة النقل التي كانت تضيق بروادها قبل عام 2012 شبه خاوية بعدما هجرتها شركات النقل وباتت مكاتبها فـارغة، عـدا عن تضرر المبـنى الرئيسي فـيها.
ويوضح محمد، وهو مسؤول بيع التذاكر في شركة للنقل “في السابق، كانت حافلات الركاب تنطلق كل ثلاثين دقيقة. كانت المحطة مكتظة”. ولم تستعد المحطة نشاطها المعتاد إلى اليوم، إذ تنطلق منها 15 حافلة كحد أقصى يوميا.
وتمكنت هذه السيدة وهي أم لخمسة أطفال من الوصول إلى الراموسة في رحلة استغرقت أربعة أيام فقط، بعدما دفعت إلى مهربين أكثر من 3700 دولار أميركي عن كل أفراد العائلة.
وتروي السيدة مذهولة حجم الدمار الذي عاينته خلال الرحلة “كنا نتوجه من دمار إلى دمار. في الطبقة (غرب الرقة) كل شيء مدمر. وفي حلب التي كانت جنة، رأيت المستشفى حيث كان يعمل أحد أبنائي وقد سوي تماما بالأرض”. وتسأل بغصة “لم كل هذا الدمار؟ لماذا يطردون الناس من بيوتهم؟”.
المصدر : صحيفة العرب