أن السذج فقط، والذين أدمنوا العيش في الأوهام، هم من فاجأهم الموقف الأميركي، الذي أعلنه وزير الخارجية جون كيري، بأن واشنطن قد تجد نفسها مضطرة إلى التفاوض مع بشار الأسد، لتحقيق انتقال سياسي، أو محاولة المتحدث الرسمي للبيت الأبيض التخفيف من وقع تلك التصريحات الكارثية، وأشار الكاتب إلى أنه ومن اليوم الأول لثورة الشعب السوري، كان من الواضح أن الإدارة الأميركية لم تحسم رأيها تجاه بقاء أو إسقاط بشار الأسد، مؤكدا أن أميركا قررت الإبقاء على نظام الأسد، لأنه الوحيد الذي لم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل بعد حرب 1973، وسعى إلى لعبة الحرب بالوكالة، عبر جنوب لبنان، بينما مدافع سوريا صامتة من الجولان، ولفت الكاتب إلى أن الأسد قد أدرك أنه باقٍ في مكانه، مهما استمرت جرائمه ضد الشعب السوري، عندما رسخ المخاوف لدى الغرب، من فكرة البديل لنظامه إذا سقط، وبعدها توصل إلى الوصفة السحرية والعجيبة، التي تنطلي على دول الغرب، بأنه يقاوم الإرهاب، وغابت عن واشنطن الحقائق باعتبار النظام هو الإرهابي الأول، بجرائمه ضد الشعب، التي دفعت قطاعات عديدة من الشعب السوري إلى الكفر بالسلمية، وإمكاناتها على التغيير، مبينا أن الجزء الثاني من المخطط الأسدي بدأ بترك بلاده وفتح حدوده على مصراعيها لدخول كل عناصر الإرهاب، رغم بطشه وقدراته الأمنية، وترك تنظيم “داعش” للتمدد، وسمح له بالسيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي السورية، في خلط واضح لأوراق الأزمة السورية، بين معارضة تقاوم النظام، وقوات حكومية وتنظيم “داعش”، وبعد أن نوه إلى أن أميركا تعاملت مع الأسد كجزء من الصفقات والمصالح الكونية، وورقة في لعبة المساومات الدولية، خاصة بعد أن أدركت أن بقاء النظام مصلحة كبرى وخط أحمر لدى كل من روسيا وإيران، اعتبر الكاتب أن الموقف الأميركي الأخير، الذي أعلنه جون كيري، قد يكون جزءا من مخطط لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي بين إيران ودول الغرب، والترتيبات التي تعد لمرحلة جديدة لعلاقات قد تكون استراتيجية بين واشنطن وطهران، تسمح لها بإطلاق يدها في العديد من الملفات الإقليمية، وفي المقدمة الملف السوري.
أسامة عجاج – صحيفة العرب