اعتاد نظام الأسد على وضع مصالحه العسكرية والسياسية في قائمة أولوياته دون أن يكترث لمصالح الشعب السوري المتضرر من الانهيار الاقتصادي والتهشم في البنى التحتية لكافة القطاعات الخدمية والإنتاجية.
وكعادة إعلام النظام يتبع أسلوب المفاخرة والمباهاة بالزيادة التي اعتمدتها الدولة السورية في الموازنة السنوية التي يقرها مع بداية كل عام، لكن مع انخفاض سعر صرف الليرة السورية مقارنة بسعر صرف الدولار نجد أنها تنخفض 60% عن موازنة العامين السابقين.
ونتيجة للتدهور الملحوظ لسعر صرف الليرة السورية، برز دور العملات الأخرى في الساحة السورية وفي مقدمتها الدولار وخصوصا في المناطق السورية المحررة، مع وجود تباين في سعر صرفه بين مناطق النظام والأخرى الخارجة عن سيطرته، ويعود ذلك دعم النظام لمصارفه والقيود التي يفرضها على التعامل بالعملات الأجنبية، ونظرا لهذا التباين قام بعض تجار العملة في المناطق المحررة بشراء العملات من السوق السوداء لبيعها في مناطق النظام بسعر أعلى، وكل ذلك يصب في مصلحة النظام في تعزيز دور الليرة السورية بطريقة غير مباشرة.
ومع انتشار ظاهرة التعامل بالعملات الأجنبية، وازدياد رغبة المواطنين بالهجرة للدول الأوروبية، كان لابد من وجود مكاتب للصرافة والتحويل التي كثر وجودها في الآونة الأخيرة في المناطق المحررة مع غياب دور الرقابة عليها من أي جهة رسمية، حيث أصبحت محلات الألبسة والأطعمة وغيرها مكاتب لتصريف النقد الأجنبي والإتجار بالعملة مما حقق مرابح مالية كبيرة للمتعاملين فيها.
باسل من مدينة معرتمصرين في ريف ادلب يقول:” أملك محلا للموبايلات ولكن المردود المادي غير كافي لذا قررت العمل بالتصريف كون هذه المهنة لا تتطلب أي ترخيص من أي جهة بل تحتاج لبعض العلاقات، فقد أصبحت معروفا في المنطقة وأجني ربحا لابأس به.”
ولجأ المواطنون السوريون أصحاب الدخل العالي لاستبدال أموالهم بعملات أخرى كالدولار واليورو، وذلك لعدم ثقتهم بالليرة السورية والتي تشهد تدنيا ملحوظا.
محمد من مدينة ادلب المحررة يقول:” يوجد في مدينة ادلب مكتبين رئيسيين لتحويل العملات من وإلى مناطق النظام، ولبعض الدول العربية المجاورة، بالإضافة لأشخاص يعملون بشكل فردي عبر برنامج “الواتس أب” وشبكات التواصل الاجتماعي من خلال علاقات مع بعض الأصدقاء والتي تتم دون وثائق أو مستندات وتعتمد على الثقة وحسن النية.”
ويضيف محمد:” قصدت أحد المكاتب لأقوم بتحويل مبلغ من المال لأحد أقاربي في دمشق، فأخبرني موظف المكتب أنه سيقوم بتحويله لشخص في مدينة اللاذقية ليقوم بدوره بتحويل المبلغ إلى دمشق، والهدف من ذلك ضمان سلامة عملائهم في دمشق كي لا يتعرضوا للمساءلة من قبل النظام.”
ويعد المغتربون السوريون سواء في الدول العربية أو الغربية أكبر مصدر للنقد الأجنبي، عبر المبالغ التي يقومون بتحويلها لعائلاتهم في الداخل السوري، وهنا تبرز براعة أصحاب المكاتب في الاحتيال وابتزاز المواطنين، حيث يعمد البعض منهم لإعطاء الحوالة بالليرة السورية بحجة عدم توفر القطع الأجنبي، فضلا عن ارتفاع أجور التحويل فكل مكتب له سعر يتم تحديده بحسب المبلغ المراد تحويله.
اقتصاد شارف على الانهيار، والليرة السورية تلفظ أنفاسها الأخيرة، وكالعادة يبقى الشعب السوري في مهب الريح يعاني من الفقر وانعدام الأمان ليساهم تدني صرف الليرة السورية في بؤسه وشقائه في وقت ينفق النظام ملايين الدولارات لمحاربته.
المركز الصحفي السوري_سماح الخالد