أوردت واشنطن بوست مقالا بعنوان “في مواجهة حاضر قاتم، بوتين يعود إلى ستالين المجيد”، تندّر كاتبه في مستهله بأن المثقفين في موسكو يحبّون المزاح بأن ماضي روسيا المظلم هو في الواقع مستقبلها المشرق.
ويرى الكاتب أندري كوليسنيكوف، وهو رئيس برنامج السياسة المحلية الروسية والمؤسسات السياسية في مركز كارنيغي بموسكو، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبدو بالتأكيد أنه يفكر بهذه الطريقة، وأنه لا يمزح.
ويضيف أن بوتين يعتمد على أمجاد التاريخ لمحاولة تحفيز الجماهير وصرفها عن المشاكل الاجتماعية الحالية، وفي مقدمتها الاقتصاد المتدهور وتدني مستويات المعيشة وشلل النظام السياسي.
وبالنسبة للنظام الحالي، فإن الانتصار على النازية هو حجر الزاوية في أيديولوجيته الوطنية وشرعيته. وبينما تصبح السياسة الرسمية أكثر صرامة بشكل متزايد في دفاعها عن الماضي، كذلك يكون دفاعها عن الرجل الأكثر ارتباطا بأكبر انتصارات القوة السوفياتية: جوزيف ستالين.
ويشير إلى أن زحف الستالينية إلى الوعي مستمر منذ سنوات. ووفقا لمركز ليفادا التحليلي -وهو مركز استطلاع مستقل- فقد ارتفع عدد الروس الذين يعربون عن “احترامهم” لستالين من 29% عام 2018 إلى 41% عام 2019، كما أن التأييد الشخصي لستالين في دوره في التاريخ الروسي كان ينمو بثبات أيضا حيث بلغ 70% العام الماضي.
ويمضى الكاتب بالقول إن خطاب بوتين التاريخي يردد بشكل متزايد صدى خطاب ستالين الذي كان يستدعي فيه صراحة الوطنية الروسية العظمى بدلا من الماركسية اللينينية. ومن ثم يستخدم بوتين نفس اللغة، حيث أعطى الكرملين حياة جديدة للرموز التاريخية السوفياتية.
فعند سرد الإنجازات، سيتذكر المواطن الروسي العادي فقط النصر في الحرب العالمية الثانية ومكانة يوري غاغارين كأول رجل في الفضاء.
ولا عجب في أن الروسي العادي يميل إلى مشاركة وجهة نظر بوتين في الانهيار السوفياتي على أنه “كارثة جيوسياسية كبرى في القرن العشرين”.
ويعتقد كوليسنيكوف أن القائد الذي لا يستطيع أن يقدم للبلاد سوى ماضيها باعتباره المستقبل، سيقود نفسه دون قصد إلى الفخ آخذا معه كل الروس، وتساءل: “إذا كان ستالين هو ماضينا ومستقبلنا فأي تنمية يمكن أن تصبو إليها البلاد؟”.
وانتهى إلى أنه بمنع الأمة من إجراء حوار جاد حول ماضيها المضطرب، يجعل من الصعب على الكرملين إيجاد طريقة للمضي قدما، وهذه عقبة أخطر أمام تطور روسيا من جميع الصعوبات الاقتصادية.
نقلا عن الجزيرة