أثار انضمام العشرات من أبناء عشيرة الشعيطات في دير الزور إلى ميليشيا “جيش الدفاع الوطني” التابعة لقوات نظام الأسد، استياءً بين سكان مدينة دير الزور، لمعرفتهم بأن أبناء الشعيطات كانوا من أوائل من حمل السلاح في وجه النظام في المحافظة، عندما بدأت الثورة السلمية تتحول إلى مسلحة.
تطورات عدة شهدتها دير الزور في هذا الصدد خلال الأيام القليلة الماضية، وأفاد مراسل “السورية نت” في دير الزور، معتز الصالح، أن العشرات من السيارات جابت شوارع حي الجورة والقصور الخاضعتين لسيطرة النظام في دير الزور، أقلّت قرابة 150 مسلحاً أسموا أنفسهم “أسود الشرقية”، بعدما كان هؤلاء يطلقون على أنفسهم “ثوار الشعيطات”.
وأشار الصالح إلى أنه بعد الأحداث التي دارت في قرى الشعيطات من اقتتال بين هؤلاء وعناصر ما يسمى تنظيم “الدولة الإسلامية” انتهت بسيطرة الأخير على قرى الشعيطات، لم يجد بعضهم حرجاً في حمل السلاح والقتال إلى جانب قوات النظام، مختارين هذه المرة صفاً لطالما نكل بهم وبعوائلهم وقتل منهم الكثير قصفاً أو رجماً بالصواريخ أو حتى عن طريق الاعتقال.
وقرر هؤلاء المقاتلين من الشعيطات “تسوية أوضاعهم” مع سلطات نظام الأسد، والانضمام إلى صفوف مقاتليه، حيث أخضعوا لمعسكرات دامت قرابة الشهرين في مدينة تدمر، ليعودوا بعد ذلك إلى دير الزور ويجوبون شوارعها مرددين صيحات “الله أكبر”، وهي ذات الصيحات وذات التكبيرات التي لطالما سخر منها وحقرها رفاق السلاح الجدد الذين انضم إليهم مقاتلو الشعيطات.
مازن أحد أبناء دير الزور يقول لـ”السورية نت”: “ما من بيت في قرى وبلدات عشيرة الشعيطات إلا فيه شهيد أو مقاتل في صفوف الجيش الحر وقوات المعارضة، ولطالما كان هؤلاء من أوائل المقاتلين وتشهد لهم ساحات القتال في دير الزور وريفها، وفي حلب، وكانوا من القلة الذين ذهبوا لفك الحصار عن حمص وريفها. إن هؤلاء المقاتلين من الشعيطات الذين يفتخرون اليوم بانضمامهم إلى صفوف قوات النظام وشبيحته لا يمثلون إلا أنفسهم”، على حد قوله.
وأضاف مازن: “إن كان لهم ثأر أو مظلمة مع تنظيم الدولة فهذا لا يعني أن ينحازوا لصفوف بشار لأنه هو من جلب الدمار والخراب للبلاد في المقام الأول”.
“أسود الشرقية” والذين فرح النظام بانضمامهم إليه، بل وعمد أيضاً إلى الترويج عبر شاشات إعلامه لعودتهم إلى “حضن الوطن”، كان من وراءه هدف للنظام في زج هؤلاء المقاتلين بالمعارك الدائرة حالياً بالقرب من مطار دير الزور العسكري، بينهم وبين قوات “تنظيم الدولة”.
ولم يجد هؤلاء المقاتلون أنفسهم إلا في الصفوف الأولى لمواجهة التنظيم، وأشار مراسلنا إلى أن تشكيلات الجيش النظامي انسحبت من خطوط المواجهة، وخاصة ممن ينتمون إلى الطائفة العلوية، ليقذف إليها الأسود الجدد، ليلقوا مصيراً ليس بأفضل من مصير من سبقهم.
ولم تمضِ ساعات قليلة على وصول مقاتلي الشعيطات في صفوف قوات النظام، حتى وقع بعضهم في أسر “تنظيم الدولة”، وبث الأخير صوراً لذبح عناصر من “أسود الشرقية”.
ما الذي يدفع هؤلاء إلى القبول بهذه المخاطرة فضلاً عن السخط الموجه ضدهم من قبل الأهالي؟، يقول وليد أحد سكان المدينة: “المال والسلطة هما العاملان الرئيسيان فالنظام يغدق على هؤلاء المال الكثير فيصرف قرابة خمسين إلى مئة ألف شهرياً راتباً لهؤلاء، فضلاً عن إغراقهم بالملذات والموبقات ولعل السبب الأهم إيهامهم بأنه سيتيح لهم الفرصة لقتل عدد كبير من الدواعش (مقاتلو تنظيم الدولة)، وسلبهم والتنكيل بهم في حال انضمامهم إليه، وهو ما دفع مئات من هؤلاء للانضمام بكل سذاجة إلى صفوف الجيش الوطني”، على حد تعبيره.
وفيما يخوض مقاتلو الشعيطات المنضوون في “جيش الدفاع الوطني” معاركهم ضد التنظيم، تحدث ناشطون سوريون معارضون عن أن مقاتلين من أبناء الشعيطات الذين سووا أوضاعهم مع النظام، أصبحوا يظهرون أيضاً في شوارع العاصمة دمشق على الحواجز العسكرية، وهو ما أثار استهجان الكثير من أبناء الشعيطات خصوصاً ودير الزور عموماً.