يطارد شبح الموت جوعا 45 ألف مدني في مدينة معضمية الشام المحاصرة من قبل قوات النظام السوري منذ نحو ثلاثة أعوام، بعد أن جربوا أسبابا متعددة للموت، تتراوح ما بين القصف بالصواريخ والبراميل المتفجرة، وكذلك الاختناق بالغازات السامة.
ويأتي تدهور الأوضاع الإنسانية في مدينة المعضمية بسبب تشديد قوات النظام الحصار عليها منذ نحو شهر، عبر إغلاق المعبر الوحيد الذي يربطها بالعالم الخارجي، علما بأن قوات النظام لم تكن تسمح سابقا بإدخال المواد الغذائية والطبية، وإنما بمرور المدنيين فقط.
وتزامن هذا مع بدء قوات النظام -مدعومة بمقاتلين أجانب- عملية عسكرية واسعة، هدفها اقتحام الحي الجنوبي في المعضمية ومنطقة البساتين التي تفصلها عن مدينة داريا المجاورة، ترافقت مع قصف غير مسبوق على الأحياء السكنية، مما تسبب في قتل وجرح عشرات المدنيين، وضاعف من معاناة الأهالي.
كارثة إنسانية
وأدى النقص الحاد في المواد الغذائية والطبية إلى موت ثمانية مدنيين -معظمهم أطفال ومسنون- خلال الأسبوعين الماضيين، بحسب عمر الحكيم الطبيب في مشفى الغوطة بمدينة المعضمية، كما أن حياة ١٦٩ طفلاً مهددة لنفس السبب.
يضاف إليهم أكثر من ١٥٠٠ مريض يعانون من نفاد الأدوية، ونحو ستمئة جريح لا تتوفر الإمكانات لمعالجتهم.
تقول أم أحمد التي فقدت زوجها في قصف لقوات النظام، إن قلبها يتفطر على أطفالها الأربعة، وهي ترى أجسامهم تذبل كل يوم، ولا تجد ما تقدمه لهم، بعد أن تحولت المدينة إلى سجن كبير يُحرم فيه المسجونون من كل أسباب الحياة، مضيفة أن ما تعيشه من قهر وعجز لا يقارن أبداً بحزنها على فقدان زوجها.
مدخل معضمية الشام أغلقه النظام بالكتل الإسمنتية والسواتر الترابية منذ شهر (ناشطون) |
تراكم المعاناة
وبالنظر إلى ما عاشه أهالي معضمية الشام منذ بداية العام 2013، لا يمكن اعتبار المعاناة غريبة عنهم، فقد مات 11 مدنيا منهم من الجوع -ومعظمهم أطفال- عند اشتداد الحصار عليهم خلال العام نفسه، كما قتل ثمانون منهم في مجزرة السلاح الكيميائي الشهيرة، في حين تجاوزت حصيلة قتلى القصف ألف مدني.
وكان يُفترض أن تتوقف هذه المعاناة بالهدنة التي أُعلن عنها منتصف الشهر الأخير من العام 2013، وهو ما لم يحدث أبدا، حيث خففت قوات النظام القصف والحصار عن المعضمية وسمحت بدخول بعض المواد الغذائية، لكنها ما لبثت أن عاودت القصف وإحكام الحصار.
سياسة ممنهجة
ويرى الناشط في المكتب الإعلامي محمد نور أن ما يحدث في المعضمية ليس فقط كارثة إنسانية، بل هو سياسة ممنهجة يتبعها النظام بهدف تهجير الأهالي باستخدام سلاح التجويع، مشيرا إلى أن النظام أفصح عن هذا الهدف في اللقاء الذي جمع ممثليه بلجنة الأهالي، حيث هددهم بتفريغ المدينة من أهلها وتحويلها إلى منطقة عسكرية إن لم يتم تسليمها بالكامل لقوات النظام.
ويؤكد نور أن الأمم المتحدة لا تتجاهل فقط معاناة الأهالي في المناطق المحاصرة، بل هي شريكة للنظام من خلال تسترها على ما يقوم به من جرائم، حيث إنها مطلعة على تفاصيل ما يجري ولا تحرك ساكناً، بل على العكس من ذلك، فإنها تساعده في حصد ثمار جرائمه عبر توسطها لتأمين تهجير الأهالي بعد أن ينهكهم الجوع.
من جهته، رفض المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق في لقاء سابق مع قناة الجزيرة اتهام الأمم المتحدة بالتقصير، وأشار إلى أن المنظمة الدولية تبذل ما في وسعها لمساعدة السوريين.