بدأت عصر أمس (27 حزيران) معركة في الساحل السوري أطلق عليها الثوار اسم “معركة اليرموك”.
اشتركت فيها فصائل عسكرية عدة أبرزها جيش الفتح وجيش النصر وكتائب الجيش الحر الموجودة في المنطقة، بدأ الثوار معركتهم بتمهيد صاروخي ومدفعي وقذائف الهاون ليبدؤوا بعدها باختراق الخطوط الأمامية لقوات النظام على طول الجبهة في جبلي الأكراد والتركمان وحققوا تقدما في قرى وتلال مهمة عدة في الجبلين منها قريتي المازغلي ونحشبا وتلتي رشا والملك في جبل الأكراد وتلة القلعة في جبل التركمان بعد قتل العديد من قوات النظام واغتنام بعض الأسلحة.
المعركة ليست الأولى في الساحل السوري التي يخوضها الثوار بعد تحرير الجبلين التي كانت بدايتها في الخامس من أيار 2012 بعد تحرير بلدة “سلمى” الاستراتيجية عاصمة جبل الأكراد ولكنها تكتسب أهمية خاصة من حيث الظروف والتوقيت؛ فالنظام وحلفاؤه ألقوا بثقلهم وزجّوا بقوتهم ومرتزقتهم وأقصى ما لديهم من أسلحة باستثناء السلاح النووي بعد التدخل الروسي نهاية تشرين الأول من العام الماضي.
وفي وقت يحاول النظام وحلفاؤه محاصرة حلب والسيطرة عليها ومحاولته السيطرة على ما تبقى من جبلي الأكراد والتركمان والتقدم باتجاه جسر الشغور ومحاصرة مدينة إدلب وقطع شريان الثورة الوحيد على الحدود التركية.. نجح الثوار بنقل المعركة من مناطقهم إلى المناطق المحيطة بحاضنته الشعبية وحزامه الأمني، بعد أن كاد النظام وحلفاءه الطائفيون يسيطرون على ريف اللاذقية ولم يتبقَّ سوى جيوب وتلال قليلة ولكنها كانت تلالاً مهمة واستراتيجية للطرفين.. استطاع الثوار الصمود فيها لعدة أشهر بعد عشرات المحاولات لقوات النظام والميليشيات الشيعية للسيطرة عليها ولكنها لم تفلح أمام ثبات الثوار وصمودهم.
الأهمية الاستراتيجية الكبرى التي تكتسبها معركة اليرموك التي أطلقها الثوار تكمن أيضا في عنصر المفاجئة والحشد الجيد للمعركة في العدة والعدد واشتراك عدة فصائل مهمة في المعركة وإعادة روح المبادرة والهجوم على قوات النظام بعد أشهر من الدفاع عما تبقى تحت سيطرتهم من الجبلين، فاستمرار المعركة وتحقيق مكاسب حقيقية على الأرض والثبات فيها يعني فعليا القضاء على أحلام النظام بإقامة دويلته المزعومة، ووصول رسالة إلى النظام وداعميه مفادها أن الثوار ما زالوا أقوياء ويحملون روح المبادرة والهجوم بالرغم من التأييد والدعم اللامحدود لقواته والتضييق على المعارضة والضغط عليها.
إن استمرار المعركة وتحقيق انتصارات كبيرة في المنطقة وقتال النظام داخل مناطقه سيرغمه لاستقدام قواته من المناطق الساخنة إلى الساحل للدفاع عن وجوده ما يعني تخفيف الضغط عن تلك المناطق وإتاحة الفرصة أمام الثوار المتواجدين هناك لالتقاط الأنفاس والكر على قوات النظام وإحراز انتصارات جديدة عليهم.
الأهمية الاستراتيجية لمعركة الساحل تكمن بأن نهاية النظام وسقوطه مع حلفائه ستكون في الساحل حصرا، وأية معركة هنا أو هناك ليست سوى استمرارا في الدمار والقتل، وزيادة عمر النظام، وحرف البوصلة عن هدفها الحقيقي.
معركة الساحل واستمرارها وتحقيق مكاسب حقيقية فيها مرهون بغرفة عمليات موحدة ووضوح الخطة والهدف وفتح خطوط الإمداد من جميع الفصائل المشاركة والدول الداعمة للثورة وعدم التخلي عنها، والأهم من ذلك كله إرادة الثوار ببلوغ المعركة لأهدافها ومبتغاها وعدم الاستجابة للضغوط الخارجية لوقف المعركة أو التراجع عنها تحت أية حجة أو ذريعة.
المركز الصحفي السوري- وضاح حاج يوسف