يزور البابا فرنسيس في وقت لاحق هذا العام بورما وبنغلادش، بحسب ما أعلن الفاتيكان الاثنين، بعد ساعات من إعراب الحبر الأعظم عن تعاطفه مع أقلية الروهينغا المسلمة التي يحاول أفرادها النجاة بأنفسهم اثر اندلاع مواجهات جديدة بين الجيش ومسلحين.
وتعني الزيارة التاريخية التي ستجري في أواخر نوفمبر ومطلع ديسمبر أن البابا سيتوجه إلى الدولة التي يهيمن عليها البوذيون وهي بورما، إضافة إلى بنغلادش التي يشكل المسلمون غالبية سكانها والتي تستقبل مئات الآلاف من اللاجئين الفارين من النزاع في جارتها.
وكان رئيس الكنيسة الكاثوليكية انتقد مرارا طريقة تعامل الحكومة البورمية مع الروهينغا، وهم أقلية مسلمة معظم أفرادها لا يملكون جنسية وعاشوا في ظل قيود أشبه بالفصل العنصري في ولاية راخين في بورما.
وفر عشرات الآلاف إلى بنغلادش خلال الأشهر القليلة الماضية هربا من المعارك بين مسلحي الروهينغا والجيش البورمي مع اندلاع اشتباكات عنيفة تحديدا في الأيام الأخيرة الماضية.
وسيتوجه البابا فرنسيس أولا إلى بورما من 27 إلى 30 نوفمبر حيث سيزور رانغون والعاصمة نايبيداو، بحسب ما أعلنت كل من روما ورانغون ودكا بشكل متزامن الاثنين.
وفي 30 اكتوبر يتوجه الى دكا عاصمة بنغلادش والتي سيغادرها في الثاني من ديسمبر. والزيارة هي الأولى التي يقوم بها حبر أعظم إلى بورما والمرة الثانية لرئيس الكنيسة الكاثوليكية إلى بنغلادش التي زارها البابا يوحنا بولس الثاني عام 1986.
وتضم بورما بين 500 و800 ألف كاثوليكي في حين لدى بنغلادش طائفة أصغر مكونة من 350 ألفا. ولم تقم بورما مع الفاتيكان علاقات دبلوماسية كاملة سوى في مايو، بعد فترة قصيرة من لقاء مستشارة الدولة اونغ سان سو تشي البابا فرنسيس خلال جولة أوروبية لها.
وخيمت طريقة تعامل بلادها مع الروهينغا على الزيارة. وقبل أسابيع قليلة على اللقاء، وصف فرنسيس حينها الأقلية المسلمة بـ”الأشقاء والشقيقات” الذين يتعرضون للتعذيب والقتل بسبب معتقدهم.
وأضاف أنهم “أشخاص جيدون ومسالمون عانوا لسنوات” داعيا الكاثوليك إلى الصلاة من أجلهم. ومع اندلاع معارك جديدة الأحد في ولاية راخين، تحدث البابا عن “انباء محزنة تصل بشأن اضطهاد اشقائنا، اتباع الاقلية الدينية من الروهينغا”.
واضاف “اريد ان اعبر لهم عن قربي منهم. وندعو الله ان ينجيهم وان يلهم الرجال والنساء الطيبين على مساعدتهم وضمان احترام حقوقهم كافة”.
بوتقة للكراهية الدينية
تحولت ولاية راخين الفقيرة والمجاورة لبنغلادش إلى بوتقة للكراهية الدينية المرتبطة بالروهينغا الذين ينظر إليهم في بورما على أنهم مهاجرين غير شرعيين.
ورغم أعوام من الاضطهاد والقيود التي فرضتها الحكومة عليهم، تحاشى الروهينغا بشكل واسع اللجوء إلى العنف.
ولكن اندلعت مواجهات متقطعة منذ اكتوبر عندما شنت مجموعة من الروهينغا لم تكن معروفة في السابق سلسلة من الهجمات استهدفت قوات الأمن ودفعت الجيش البورمي إلى القيام بحملة قمع واسعة بحقهم تعتقد الأمم المتحدة أنها قد ترقى إلى تطهير عرقي.
واندلعت جولة جديدة من المعارك منذ الجمعة عندما نصب المسلحون كمائن منسقة ضد قوات الأمن. وتم تأكيد مقتل أكثر من مئة شخص، بينهم 80 مسلحا، في المواجهات الأخيرة.
وفي هذه الأثناء، فر الآلاف من المدنيين الروهينغا نحو بنغلادش فيما سعى السكان من البوذيين والهندوس إلى ايجاد ملاذ آمن لأنفسهم في البلدات والمعابد بعيدا عن المواجهات.
وتبادل الطرفان الاتهامات بارتكاب فظائع جديدة خلال الأيام الأخيرة، وهو ما لم يكن من السهل التأكد منه بسبب اندلاع المعارك في قرى يصعب الوصول إليها.
ونفت حكومة سو تشي الاتهامات بارتكاب فظاعات ورفضت منح تأشيرات دخول لمسؤولي الأمم المتحدة المكلفين بالتحقيق في الاتهامات، وهو موقف أثار الاستياء في الخارج.
ويشير محللون إلى ان سو تشي تدرك بأن هناك فائدة سياسية قليلة مرجوة من دعم الروهينغا في وقت لدى حكومتها المدنية سيطرة محدودة على جيش بلادها المعروف بانتهاكاته.
وكان القوميون البوذيون المتشددون في بورما تعهدوا بالوقوف في وجه أي زيارة باباوية بسبب تعاطف البابا فرنسيس مع الروهينغا.
ورغم عدم اتفاق الطرفين بشأن الروهينغا، فإن الفاتيكان متحمس للتودد إلى الحكومة البورمية بعد إقامة علاقات دبلوماسية.
وتعد قدرة الكنيسة في بورما على دعم التعليم الكاثوليكي مسألة رئيسية بالنسبة إليها حيث تم تأميم جميع المدارس التابعة للكنيسة عام 1965 عقب الانقلاب العسكري الذي شهدته المستعمرة البريطانية السابقة عام 1962.
ونجحت الكنيسة مؤخرا في الاستثمار في المدارس مجددا إلا أن عليها تسجيل المؤسسات التي تدعمها تحت أسماء أشخاص لا أن تديرها هي رسميا.
وبروناي المسلمة إضافة إلى الأنظمة الشيوعية في الصين ولاوس وكوريا الشمالية وفيتنام، هي الدول الآسيوية الوحيدة التي لا تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع الفاتيكان.
العرب