حاول النظام السوري تشويه الثورة السورية منذ انطلاقتها و حرف مسارها بما يتوافق مع سياساته العنصرية و الاستبدادية، فكانت المظاهرات السلمية في بداية الحراك الثوري مفبركة بحسب إعلامه، و القنوات الفضائية التي تنقل الواقع و تصور الاعتداءات بحق السوريين “مغرضة”.
” واحد واحد واحد الشعب السوري واحد” شعار تغنى به المتظاهرون السلميون لتكون ثورتهم بعيدة عن الطائفية و لإظهار وحدة المجتمع السوري بكافة أطيافه، لكن حقد النظام و رغبته بالانتقام من صيحات الحرية دفعه لاتهامهم بالطائفية و العنصرية و ذلك من خلال قيامه باغتيالات لشخصيات من طوائف متعددة.
و رغم ذلك كان هناك فنانون و مثقفون من أديان و طوائف مختلفة وقفوا إلى جانب الثورة و نددوا بجرائم النظام، كالفنان سميح شقير و مي سكاف و سمير يزبك و فدوى سليمان و غيرهم.
راهن النظام منذ بدء الحراك في سوريا على عدم استمرارية الثورة وأنها مجرد مؤامرة تحاك من قبل الطامعين فيها لتدميرها و للنيل من سياستها المقاومة والممانعة على حسب زعمهم.
أثار علم الثورة غيظ النظام السوري مما دعاه للطعن به مبررا ذلك بأنه يمثل فترة الانتداب الفرنسي ليكون ولاء المعارضين لفرنسا وليس لسوريا، و في السنتين الأخيرتين من الثورة و بدخول تنظيم الدولة في دائرة الصراع و فصائل مقاتلة أخرى بدأ علم الثورة بالاختفاء بشكل تدريجي و هذا ما سعى النظام إليه مرارا.
و نتيجة لذلك قام بعض الناشطين بإطلاق حملات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي لإحياء روح الثورة السورية عبر علمها و منها حملة ” ارفع علم ثورتك” و حملة لوضع علم الثورة عل متصفح ” جوجل”، بالإضافة لحملة” علمنا رمز الثورة السورية” و التي قام بها مؤخرا مجموعة من الناشطين في مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي لرفع معنويات الثوار بعد المعارك العنيفة التي يخوضونها مع تنظيم الدولة.
و تمثلت الحملة برسم علم الثورة السورية على براميل لتزين مدخل المدينة و لقهر كل من يحاول المساس بمسار الثورة و دثر علم الحرية الذي يمثل دماء شهدائها الطاهرة.
و كعادة النظام لم يترك وسيلة إلا و استخدمها لقمع الثورة و تشويهها و كانت ” الدراما السورية” آخر وسائله عبر مسلسلات عدة لكتاب مأجورين بقصد نقل الواقع بأعينهم لا بأعين الشعب، ومنها مسلسل ” في ظروف غامضة” الذي بين من خلاله أن المعارضين هم عبارة عن شخصيات فاسدة قام النظام بطردهم لتكون الثورة السورية مأوى لهم لتبييض صفحاتهم.
أما مسلسل ” بقعة ضوء” بجزئه الأخير فإنه في حلقاته الأولى يصور الثوار على أنهم مجموعة من المسلحين يقومون بالقتل و النهب و التفجير مع وجود جهات داعمة لهم تدفع لهم مبالغ طائلة بقصد تدمير البلاد.
” احكيها صح” حملة أخرى توعوية أطلقها ناشطون لإعادة إحياء مصطلحات الثورة قبل أن تندثر بفعل إعلام النظام الذي يروج لمصطلحات تتناسب مع سياسته، و منها استبدال مصطلح الميليشيات الشيعية “بالدفاع الوطني” و “الأزمة السورية” بدلا من “الثورة السورية” و المسلحون بدلا من الثوار و غيرها الكثير.
رغم أن الدول الكبرى تشاهد و تستمتع بمشاهد القصف اليومي و الحصار الذي يطال معظم المدن السورية لتكون خطاباتها و تهديداتها الوهمية للنظام جل ما تقوم به، فمهما حاول النظام قهر إرادة الشعب و تشويه ثورته لن يتمكن من ذلك فثورتنا باقية ومستمرة و لا بد للحق أن ينتصر مهما طال أمده.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد