بعد احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019 تطورت أفكار الشباب الناشط في العراق لتصبح أكثر شمولية فيما يتعلق بالعمل السياسي، وانتقلت من المطالبة بتغيير النظام الحاكم ومحاسبة رؤوس الفساد إلى السعي للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في يونيو/حزيران المقبل، وسط تساؤل مثير عن قدرة الشباب على مواجهة المال والسلاح المنفلت في البلاد منذ 17 عاما.
ويُنظر إلى استعدادات الشباب للانتخابات المقبلة بنظرة أكثر إيجابية من الانتخابات السابقة، وذلك بعد الإعلان عن تشكيل كيانات جديدة عمادها ناشطون وصحفيون وعاملون في مجال حقوق الإنسان، من أبرزها “العراق خيمتنا”.
وفي رده على سؤال للجزيرة نت عن إمكانية أن يكون هناك دعم خارجي أو داخلي للتشكيلات الشبابية، يؤكد الحداد أن هذا الأمر مستحيل ومستبعد، مشيرا إلى أن الناشطين عازمون على دعم تشكيلاتهم وبرامجهم الانتخابية بأنفسهم من خلال منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى استعداد بعض أصحاب رؤوس الأموال والشخصيات التي تؤمن بتغيير حقيقي في العراق لدعم هذه التشكيلات، فضلا عن جمع التبرعات.
ولهذه التشكيلات -وفق الحداد- القدرة على إعداد بديل وطني دون أي دعم أو تدخل خارجي أو الانصياع لضغوطات داخلية، منوها إلى أن الدائرة المتعددة ستكون سندا رئيسيا لإجراء تغيير مجتمعي دون الحاجة إلى الأموال الكثيرة.
الدكاكين السياسية
من جهته، استبعد السياسي العراقي مثال الألوسي أن يتمكن الشباب في الانتخابات القادمة من تحقيق التغير المنشود، والانتصار على بؤر الفساد والمحاصصة والإرهاب التي تتقاسم العراق وتُدافع عن طرف آخر.
وقارن الألوسي في حديث للجزيرة نت، الواقع الحالي بواقع العراقيين وعدم تمكنهم رغم المحاولات الكثيرة خلال سنوات عديدة من التخلص من نظام الرئيس الراحل صدام حسين وإزاحته من سدة الحكم، مشيرا إلى أن الطريق طويلة وقد تمتد لعشرات السنين ليحقق الشباب الإصلاح في البرلمان والدولة.
واعتبر الألوسي أن هذه السنوات يمكن اختصارها إذا حصل العراق على دعم من أحرار العالم ومن المنظومة الدولية، للتخلص من الهيمنة الإقليمية والفساد المستشري والإرهاب الإقليمي.
ويمثل الكثير من الدكاكين السياسية العراقية -كما يقول الألوسي- الإرادات الإقليمية مستهدفة الثروات العراقية، في وقت أصبح فيه العراق مركزا أساسيا للإرهاب سواء السني منه أو الشيعي أو حتى المنظم وغير المنظم، واصفا الطريق بالطويل جدا وليس بمقدور الانتخابات أن تحسم موقف الإصلاح.
استحالة الحلول
من جانبه، اعتبر الباحث في الشأن السياسي عقبة الناصري، أنه تكونت قناعة كبير لدى الناشطين بعد الاحتجاجات التي شهدها العراق طوال العام الماضي باستحالة إيجاد حلول للمشاكل على المستويات الأمنية والصحية والاقتصادية، في ظل استمرار سيطرة الأحزاب الحاكمة الحالية.
وأصبح هناك توجه -حسب الناصري- بدخول الشباب المعترك السياسي برؤى وبرامج جديدة ومختلفة، سواء ككيان مستقل أو كأفراد ضمن كتل أخرى تنسجم مع تطلعات شريحة الشباب، إلا أن الدخول المستقل للشباب يواجه معرقلات كثيرة، لا سيما فيما يتعلق بالدعم والسلاح المنفلت والمال السياسي.
وينتظر الشباب حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وما ستخرج به فيما يتعلق بوضع المفوضية العليا للانتخابات، وهل ستتكون من قضاة أم سيكون لها شكل آخر؟ إضافة إلى ما يتعلق بالدوائر الانتخابية التي لم تحسم حتى الآن مع البطاقة البايومترية (تعتمد على بصمة الشخص للتصويت في الانتخابات لمنع التزوير)، وهل سيكون استخدامها حصرا أم ستستخدم بطاقات الناخب الأخرى؟ والأهم من كل ذلك ما يتعلق بالمال السياسي ونفوذ الأحزاب.
وتُعاني محافظات وسط وجنوب العراق من سطوة السلاح المنفلت الذي له تأثير أقوى من المال السياسي الذي يمنع تهيئة بيئة سليمة للانتخابات -وفق الناصري- مؤكدا أنه في حال لم تتمكن حكومة الكاظمي من إصدار قرارات مهمة تحسم هذا الجدل في قانون الانتخابات بحيث ينسجم مع تطلعات الجمهور ويمنع عبث الفاسدين، سيتكرر عزوف الجماهير وخصوصا الشباب عن المشاركة في الانتخابات كما حصل في 2018 و2014.
نقلا عن الجزيرة