” حلمي تخلص الحرب ونعيش بأمان، حلمي أرجع عمدرستي ويرجعوا كل رفقاتي”، وقفت سلام تتأمل مدرستها المدمرة عندما مرت بقربها برفقة والدتها، لم تستطع حبس دموعها عندما استحضرت في مخيلتها ذكرياتها بحلوها ومرها، كم هو مشهد قاس أن ترى بيتك الثاني مدمر.
شن طيران النظام الحربي بمساندة حليفته روسيا حملة غارات جوية مكثفة منذ شهر تقريبا استهدف فيها معظم المناطق في ادلب وريفها، مستخدما كافة أنواع الصواريخ المحرمة دوليا بما فيها القنابل الفوسفورية والنابلم الحارقة، ليوقع مئات الشهداء والجرحى غير آبه أن معظم الشهداء من المدنيين والأطفال، ويركز النظام استهدافه على المنشآت الخدمية والتعليمية كالمدارس والمشافي والمطاحن، بغية ضرب البنى التحتية وتهجير أهلها وتشريدهم.
ومع اقتراب العام الدراسي الجديد، هناك تخوف كبير من الأهالي وبالأخص في مدينة ادلب لما تعانيه من هجمة شرسة، وتساؤلات عديدة تدور بأذهانهم، ترى ماهو مصير أبنائهم وأي مستقبل ينتظرهم، تقول والدة سلام:” مدرسة البنات القريبة من بيتنا دمرا النظام وخرجت عن الخدمة، وبيلزمها إعادة تأهيل وإصلاحات كبيرة، ولحد الآن مافي جهود ملموسة عالواقع، وباقي المدارس بعيدة عنا، ماني عرفانة كيف ولادي رح يكملوا تعليمن بهالظروف”.
ومع تقدم المعارضة المسلحة في ريفي حماه وحلب، يتكهن الأهالي في مدينة ادلب وريفها أن النظام سيستخدم ذلك ذريعة ليصب جام غضبه عليهم وينتقم لخسارته، ومن المقرر أن يتم افتتاح المدارس في موعدها المحدد بعد عيد الأضحى المبارك، إلا أن المدينة شبه خالية من السكان والحركة فيها شبه معدومة خشية من غارة حاقدة تنتزع معها حياتهم، ورغم وجود بعض العائلات التي أبت النزوح من المدينة إلا أنها تتخوف من إرسال أبنائها إلى المدارس.
تكمل سلام طريقها وهي تتكلم بنبرة غاضبة:” ليش ضربوا مدرستي؟، مافيها إرهابيين متل مابقولوا، أنا بعرف شو هدفن، بدن نبطل نروح عليها ونبطل نتعلم، حتى نكون جاهلين، بس أنا رح روح على غير مدرسة وأتعلم غصب عنهن”.
لعل الأطفال هم الشريحة الأكثر تضررا في حرب لاذنب لهم بها، خسروا براءتهم، أحلامهم، طفولتهم، حتى ضحكاتهم باتت مزيفة وتفتقر لبراءة الطفولة، جيل بأكمله يعاني من ضغوطات نفسية فقد كبروا قبل أوانهم وواجهوا معاناة لاقدرة لأجسادهم الغضة على تحملها، بعد أن كانت المدرسة والاستيقاظ باكرا كابوسا بالنسبة لهم، غيرتها الحرب لتصبح حلما يرونه كل يوم ويتأملون لو يستيقظون منه وتعود الحياة كما كانت سابقا تنعم بالأمان والسلام.
وقامت مديرية التربية الحرة في مدينة ادلب مؤخرا بإجراء مسابقة لتعيين عدد من خريجي الجامعات في مدارسها، إذ أن الائتلاف السوري المعارض سيختار بعض المدارس لتكون تابعة له، بحيث تبقى بعض المدارس تابعة للنظام لمن يرغب من المعلمين بذلك، إلا أنه ورغم تلك الجهود هل ستفتح المدارس أبوابها لاستقبال أبنائها ؟، أم أن التعليم في المناطق المحررة سيبقى مهددا بالتراجع طالما طائرات النظام تجوب سماءها غير مكترثة بأرواح الأطفال أو غيرهم.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد