خففت مصر القيود على الحدود التي تخضع لرقابة مشددة مع غزة، في علامة على تحسن العلاقات مع الحركة الفلسطينية التي تحكم القطاع الساحلي.
ودخلت القطاع شاحنات محملة بسلع وبضائع تتراوح بين الحديد والأسماك في الأسابيع الماضية.
وكانت مصر أصرت، على مدار سنوات، على أن الأفراد وليس البضائع هم من سيمرون فقط من معبر رفح، الذي تفتحه من 3 إلى 5 أيام مرة كل نحو 40 يوماً.
ومصر على خلاف قديم مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تحكم غزة ودمرت زهاء ألفين من أنفاق التهريب التي وفرت تدفقاً ثابتاً للمنتجات الاستهلاكية لسكان القطاع، البالغ عددهم مليوني شخص.
وأصبح بفعل ذلك، معبر كرم أبو سالم المنفذ الوحيد لواردات غزة، بيد أن بعض السلع محظورة، وتفرض البحرية الإسرائيلية حصاراً بحرياً على القطاع.
السلع تدخل غزة
لكن مواد تجارية عبرت الشهر الماضي من المعبر إلى جانب المسافرين في أيام عمله القليلة. وذكر مسؤولون وخبراء اقتصاديون أن نحو 20 ألف طن من المنتجات تشمل الأسمنت والقمح والحديد والأخشاب والطلاء والقار والأسماك دخلت من مصر إلى غزة.
ولا يزال معظم الواردات المصرية إلى غزة تدخل عبر إسرائيل، حيث تخضع السلع للتفتيش ثم ترسل إلى القطاع عن طريق معبر كرم أبو سالم.
وبدأت القاهرة العام الماضي السماح بدخول الأسمنت إلى غزة عبر رفح؛ للمساعدة في إعادة بناء المنازل التي تضررت أو دمرت في 4 حروب بين إسرائيل والنشطاء الفلسطينيين منذ 2006. ويجري بالفعل نقل شحنات الأسمنت لمشروعات ترعاها الأمم المتحدة عبر المعبر الإسرائيلي.
محادثات مصر وحماس
قال أشرف أبو الهول الخبير المصري في الشؤون الفلسطينية، إن المحادثات التي عقدت في الآونة الأخيرة في القاهرة بين مسؤولين مصريين ووفد حماس ربما قادت إلى قرار بنقل السلع عبر رفح.
وأضاف أبو الهول: “الكل يعلم أن حماس حسّنت بشكل ما من الوضع الأمني على حدود قطاع غزة مع مصر، وأحكمت السيطرة إلى حد ما على حركة التهريب، سواء تهريب البشر أو السلع عبر الأنفاق. ربما كانت هذه أجواء إيجابية تساعد على تحقيق الهدف المصري في التخفيف على المواطنين بقطاع غزة”.
“مصر تريد أن تخفف على أهلنا في قطاع غزة. هي تريد ذلك لأنها قد وصلت إلى شبه قناعة بأن المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية بعيدة، وهي تريد أن تتعامل مع الشعب الفلسطيني وبشكل مباشر مع المواطنين في القطاع”.
وفي غزة، قال محمد أبو جياب الخبير الاقتصادي، إن مصر ربما تحركت بدافع آمال بأن تقوم حماس مقابل مزيد من الواردات بزيادة تعزيز الأمن على طول الحدود مع سيناء، حيث تكافح القاهرة إسلاميين متشددين.
وأضاف: “المعادلة قائمة على إعطاء كل طرف ما يريد. حماس تتطلع إلى انفتاح اقتصادي في غزة يخفف من الضغط الاجتماعي ويعطيها نوعاً من الهدوء والاستقرار السياسي.
“المصريون معنيّون بالبعد الأمني وتحديداً في سيناء، واستراتيجياً فيما يتعلق بالدور السياسي المصري في الشرق الأوسط وبالقضية الفلسطينية”.
وتتهم الحكومة المصرية حماس بمعاونة جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيم “الدولة الإسلامية” في سيناء وبالتدخل نيابة عن حلفاء إسلاميين في السياسة المصرية. وتنفي حماس تلك المزاعم.
ولم يصدر تعليق فوري عن المسؤولين المصريين بشأن العلاقات التجارية مع غزة. كما رفضت السلطات الإسرائيلية التحدث بشأن دخول السلع من معبر رفح.
وسلم فوزي برهوم، المتحدث باسم حماس، بأنه كانت هناك أزمة في الثقة بين حركته ومصر.
وقال مستشهداً بما وصفه بنشر أكثر كثافة لقوات الأمن على الحدود المصرية من جانب وزارة الداخلية التي تديرها حماس: “كانت هناك مشكلة في الثقة، وكان عند مصر تخوف أمني، ولكن الثقة أصبحت أفضل مع اللقاءات وتبددت المخاوف”.
“أصبحت الثقة موجودة وتأكدت مصر أن لا خطر على مصر من غزة، وأن حماس حريصة على وجود علاقات مشتركة ومتبادلة، وأن تستعيد مصر دورها التاريخي في القضية الفلسطينية”.
وقال الخبير الاقتصادي الفلسطيني ماهر الطباع، إن تدفق السلع سيفيد الموردين الذين يعملون انطلاقاً من سيناء، وسيحسّن الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، في دعم سياسي لحماس.
وخففت إسرائيل القيود على المرور البري للسلع في السنوات الأخيرة، لكنها تواصل منع مواد -مثل بعض مواد البناء والأسمدة- التي ترى أن النشطاء يمكن أن يستخدموها في بناء التحصينات وصناعة المتفجرات.
وقدّر الطباع أن السلع والبضائع التي تدخل إلى غزة من إسرائيل تمثل 70 في المائة فقط من احتياجات شعبها.
وأضاف لـ”رويترز”: “قطاع غزة قادر على أن يستورد من مصر في عام 2017 بمقدار مليار دولار إذا كان هناك تسهيلات حقيقية وإدخال للبضائع”.
المصدر:هافينغتون بوست عربي