حسن سلمان – القدس العربي
بات من المؤكد أن الخفّاش هو مصدر فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، لكن الغموض ما زال يحيط بكيفية انتقال هذا الفيروس إلى البشر، ففي حين يرى بعض الباحثين أنه انتقل عبر حيوان وسيط (آكل النمل الحرشفي) إلى البشر، كما حدث في السابق مع فيروسات مشابهة مثل “ميرس” و”سارس” وغيرها، يميل آخرون من الباحثين إلى الحديث عن صناعة هذا الفيروس في مختبرات علمية، لكن يؤكدون أن الغاية من تطوير الفيروس وكيفية تسرّبه من هذه المختبرات ما زالت مجهولة.
ويقول الدكتور عمار البعداني، طبيب المخ والأعصاب والمكلف من قبل الحكومة الصينية بنشر التوعية حول فيروس كورونا لـ”القدس العربي”: “نشر باحثون هنود في بداية شباط/ فبراير ورقة علمية تشير إلى قيام باحثين بتعديل بعض السلاسل الجينية لفيروس الإيدز لإنتاج فيروس كورونا المستجد، لكن هذه الورقة العلمية تم سحبها لأنها تفتقر إلى الموضوعية. وإلى الآن لا يوجد أي دليل علمي يؤكد أن هذا الفيروس خرج من المختبر، فالتسلسلات الجينية فيه -من الناحية العلمية- تدعم الفكرة التي تقول إنه حدث ضمن مصادفة بحتة عبر اختلاط بين حيوانات برية مختلفة كانت موجودة في سوق بمدينة ووهان الصينية، من بينها الخفاش (مصدر الفيروس) وآكل النمل الذي يُعتقد أنه الحيوان الوسيط الذي نقل العدوى إلى الإنسان من الخفاش، وخاصة أن هناك تطابقا جينيا بنسبة 96 في المئة للتسلسل الجيني لفيروس كورونا لدى البشر مع الفيروس الموجود في آكل النمل، ولكن المصدر الرئيسي هو الخفاش، كما أسلفت”.
ويضيف: “هناك احتمالات ومصادفات في الطبيعة قد تحدث ببساطة. وقد حدثت من قبل وأدت إلى ظهور عدوى فيروس ميرس (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية)، حيث نقل الخفاش العدوى إلى الجمل الأفريقي والذي نقلها بدوره إلى الإنسان، كما نقل الخفاش أيضا فيروس سارس (متلازمة الجهاز التنفسي الحاد) إلى قط الزباد عام 2002 و2003، والذي نقل العدوى إلى الإنسان، وهناك أمراض أخرى انتقلت أيضا من الخفاش إلى الإنسان عبر حيوان وسيط آخر هو الخنزير”.
ويوضح أكثر بقوله: “إذا هذه مصادفات تحدث بين الحين والآخر، طالما أن البشر يقتربون كثيرا من الحواجز الطبيعية، والاقتراب غير الضروري من هذه الحيوانات البرية هو ما يزيد من فرص الإصابة بهذه الفيروسات، التي هي في الأصل فيروسات حيوانية لكنها تتحول لاحقا وتصبح قادرة على أن تعدي الإنسان ثم تنتشر بين الناس”.
وكان علماء صينيون أكدوا في وقت سابق أن الخفاش هو المصدر الأساسي لفيروس كورونا المستجد، فيما رجحت دراسة علمية نشرتها مجلة “نيتشر”، انتقال الفيروس من الخفاش إلى آكل النمل الحرشفي، الذي نقله بدوره إلى الإنسان.
من جانب آخر، يرجّح البروفيسور غسان الجعيدي، رئيس قسم جراحة العظام وطب الطوارئ في مستشفى كيرون مدريد، وعضو اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا في إسبانيا، فرضية صناعة فيروس “كوفيد-19” في أحد المختبرات، مشيرا إلى أن العلماء عادة ما يطوّرون الفيروسات داخل المختبرات لأغراض علاجية، لكنه يشكك بطريقة انتقاله للبشر.
ويضيف لـ”القدس العربي”: “برأيي أن هذا الفيروس هو صناعة مختبر، هذه الفكرة توصّلنا إليها بعد دراسات عميقة لتركيبة الفيروس. كما أن أحد زملاءنا الفرنسيين قال إنه كان يشتغل في مختبر فرنسي داخل الصين، كان يقوم بتطوير هذا الفيروس”.
ويوضح: “دراسة الفيروسات وتطويرها ليست أمرا جديدا، فهذا يحدث يوميا في المختبرات الطبية، ونحن نقوم بتطوير الفيروسات لأغراض طبية بحتة بغرض العلاج، فهناك الكثير من الأمراض لا نملك علاجا لها، ولذلك نقوم باختبار فيروس معين نستطيع من خلاله تلقيح خلايا الجسم بشفيرة جينية معينة بحيث تصبح هذه الخلايا قادرة على مقاومة أمراض معينة. بمعنى أن فكرة تطوير الفيروس من قبل البشر واردة جدا، لكن يبقى السؤال: هل تم تطويره لغرض طبي، أم لسبب آخر (كسلاح بيولوجي). نرجو أن لا تكون الفكرة الأخيرة صحيحة”.
وكانت الصين والولايات المتحدة الأمريكية تبادلتا الاتهامات حول “صناعة” فيروس كورونا، فبينما أشار المتحدث باسم الخارجية الصينية، تشاو لي جيان، إلى وجود “أدلة” تؤكد صناعة الفيروس وتطويره من قبل الجيش الأمريكي عام 2015، اتهم وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الصين بممارسة التضليل وحجب المعلومات حول فيروس كورونا، وهو ما أدى لانتشاره في العلن كله. في حين تحدث طبيب فرنسي عن قيام معهد “باستور” الفرنسي، المتخصص بمكافحة الأمراض المعدية، بتطوير الفيروس في مدينة ووهان، وهو ما فنده المعهد.