هي الحرب، لا تكتفي بالجراح و سفك الدماء، و إنَّما تترك ندباً تئنُ في ذاكرة الجسد على مرّ السنين
فههي حرب سوريا؛ خلَّفت مليون و نصف المليون سوري تعرّضوا لإعاقات دائمة إثر الإصابة، وفق آخر إحصائيات منظمة “الصحة العالمية” و منظمة “هانديكاب انترناشيونال”، عام 2017.
و يشير التقرير ذاته إلى أن 86 ألف شخص تعرّضوا لبتر أحد الأطراف، خلال ست سنوات مضت من الثورة.
أحد تلك الأرقام، “مؤيد” 27 عاماً، تعرَّض لإصابةٍ بطلقٍ ناري استقرّ في نخاعه الشوكي، مما أدى لإصابته بشلل دائم، و ذلك أثناء تواجده على جبهة القتال في صفوف الثوار، بريف إدلب، عام 2015.
مؤيد لم يسقط أبداً بعد إصابته، تمَّ نقله للعلاج في تركيا، و تلّقى المزيدَ من الدعم برفقة زوجته، عمل في صيانة الحواسيب و الأجهزة الالكترونية ، إلّا أن الحرب تركت له تلك الندبة المؤلمة.
كثيرةٌ هي الأرقام التي اختارتها الحرب ضحية تلك المعاناة و ليس آخرها مؤيد، فهذا “سامر”؛ طفلٌ ذو 7 سنوات، تعرَّض لإصابةٍ مروّعة أدت لفقدانه إحدى ساقيه، حيث كان يلعب مع رفاقه في باحة المدرسة التي التجأ إليها أهل الحيّ بعد قصف منازلهم.
لتختاره قذيفة الهاون و ترمي إليه بشظية حقدٍ و أسى، عام 2016.
لجأ سامر مع عائلته إلى تركيا، تلقى العلاج، ركّب طرفاً اصطناعياً، و هو الآن يدرس في المدارس التركية كحال جميع أبناء جيله.
و كان لعائلته الفضل الأكبر في زيادة ثقته بنفسه، و تنمية معارفه و قدراته.
مهما أعاقت الإصابة صاحبها، إلّا أن إعاقتها لنسيان سببها المباشر تبدو أصعب، هي ندبةٌ في الروح و القلب، لكن بالأمل و العزيمة قد تتبدّدُ الصعاب.
يذكر؛ أنَّ التقرير الصادر عن منظمتي “الصحة العالمية” و”هانديكاب” الذي تطرقنا لذكره؛ يشير إلى أن الأطفال يشكلون ثلث مصابي الأسلحة المتفجرة في سوريا.
هذا؛ و في الوقت الراهن لا توجد إحصائيات دقيقة صادرة عن المنظمات و الهيئات العالمية؛ بسبب ازدياد أعداد القتلى و المصابين، نظراً لازدياد التصعيد و صعوبة تحديد الحالات و الأرقام بدقة.
رغد سليمان
المركز الصحفي السوري.