وقع العشرات من الدبلوماسيين العاملين في وزارة الخارجية على مذكرة بداية هذا الأسبوع تطالب إدارة أوباما بتبني موقف أكثر قوة ضد حكومة بشار الأسد في سوريا، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية.
الموقعون الذين بلغ عددهم 51 شخصا، الذين أرسلوا المذكرة من خلال قناة معارضة داخلية وهم من دبلوماسيي المستوى المتوسط في واشنطن وفي الخارج. ويشلمون ضابط مكتب ارتباط سوريا والفنصل العام في إسطنبول، وشخصيات أخرى وصفها دبلوماسيون بأنها على علاقة هامشية بسياسة سوريا.
تدعو المذكرة الإدارة إلى التعامل مع الوضع الإنساني المتدهور في سوريا باستخدام الضربات الجوية وأسلحة أخرى بعيدة المدى دون وجود قوات على الأرض، من أجل إجبار الأسد على الدخول في المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة من أجل إنهاء الصراع. حوالي 400000 شخص قتلوا خلال خمس سنوات من الحرب الأهلية في سوريا، وفقا للأمم المتحدة، وحوالي نصف عدد السكان شردوا في الداخل أو خرجوا من البلاد.
الكثير من محتوى الوثيقة يحظى على دعم داخل إدارة أوباما من قبل وزير الخارجية جون كيري خلال الفترة التي قضاها في منصبه. قاوم الرئيس أوباما بصورة دائمة التدخل العسكري المباشر في الحرب، قائلا إن ذلك سوف يزيد من سفك الدماء ولن يؤدي إلى تحسن الوضع في سوريا.
قال كيري يوم الجمعة خلال زيارة إلى كوبنهاغن بأن المذكرة تعتبر “بيانا هاما” يمكن أن يحظى بنقاش أطول في واشنطن.
وأضاف كيري، المفترض أن يعود إلى واشنطن يوم الجمعة:” إنه بيان هام، وأنا أحترم هذه العملية كثيرا. وعندما أعود آمل أن يكون لدي فرصة للقاء هؤلاء الأشخاص”.
قدمت المذكرة يوم الثلاثاء إلى شئون التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية. تم إخطار البيت الأبيض بها يوم الخميس، وذلك بعد أن أصبح من الواضح أن الوثيقة سربت إلى الإعلام. ظهرت الوثيقة أولا في نيويورك تايمز على الإنترنت بعد عدة ساعات على ذلك.
ولكن عددا من المسئولين رفيعي المستوى، الذين طلبوا عدم ذكر اسمهم لأنه من غير المخول لهم الحديث إلى الإعلام، عبروا عن الإحباط بسبب تسريب الوثيقة ولأنها ربما تؤدي إلى التأثير على حجج وزير الخارجية. وقال آخرون إن السلطات ربما لا تعرف تماما موقف كيري في الجدل الذي يدور داخل الإدارة، أو ربما يأملون في دعمه.
جاء في المذكرة إن الأساس لاستخدام الهجمات “هو دعم القيادة وجعلها تركز بصورة أكبر على العملية الدبلوماسية التي تقودها أمريكا” .
حتى مع شنه حملة قوية من الهجمات ضد الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، فإن البيت الأبيض يحاول الاقتراب بحذر من الصراع السوري ما بين الجماعات المتمردة وحكومة الأسد. خلال السنوات القليلة الماضية، أعربت أمريكا عن استيائها من عدم وجود تنظيم عسكري أو سياسي من قوات المعارضة المعتدلة. كما ردد البيت الأبيض مخاوف دائما من أن السلاح الذي يقدم لمقاتلي المعارضة ربما يقع في يد الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة.
وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، التي تركت منصبها مع نهاية فترة أوباما الأولى، قالت إنها طالبت بدعم أمريكي أقوى حين كانت في منصبها، بما في ذلك إنشاء مناطق آمنة بحماية أمريكية للمدنيين ومقاتلي المعارضة .وقد رددت هذه المطالبة خلال حملتها الرئاسية.
العديد من صانعي القرار الجمهوريين طالبوا بشن غارات أمريكية ضد الأسد، وبعضهم دعا إلى وجود قوات أمريكية على الأرض. دونالد ترامب، المرشح الجمهوري للرئاسة قال إنه سوف يصب تركيزه على الدولة الإسلامية وسوف يترك الأسد وشأنه.
بداية هذا العام، ومع تدهور الوضع الإنساني – مع وجود 19 منطقة محاصرة من قبل القوات الحكومية السورية، بدعم من الهجمات الجوية الروسية- دخل كيري في مفاوضات للوصول إلى اتفاقية دولية مع روسيا وقوى أخرى لوقف إطلاق النار من اجل السماح بإيصال الطعام والدواء إلى المناطق المحاصرة التي قطعت عنها المساعدات لعدة سنوات في بعض الحالات.
في حين أن وقف إطلاق النار مستمر بصورة متقطعة في بعص الأماكن – قالت الولايات المتحدة وروسيا هذا الأسبوع بأن هدنة جديدة لمدة 48 ساعة سوف تطبق في مدينة حلب- إلا أنه انهار تماما في أجزاء رئيسة من البلاد. روسيا، التي قالت عند بداية وقف إطلاق النار إنها سوف توقف قصفها نيابة عن الأسد، لم تتوقف تماما عن القصف، وفقا لمسئولين أمريكان يقولون إن القصف موجه بصورة كبيرة إلى المعارضة المعتدلة التي تدعهما الولايات المتحدة.
على الرغم من تحسن الوضع نسبيا هذا الأسبوع، إلا أن الأمم المتحدة تتهم حكومة الأسد باستمرار منع وصول المساعدات إلى بعض المناطق.
القصف المستمر والكارثة الإنسانية دفعت اللاجئين الذين يتدفقون إلى تركيا ودول مجاورة أخرى إلى البحث عن ملاجئ أخرى في أوروبا، مما تسبب في أزمة سياسية هناك.
في هذه الأثناء، فإن القصف والكارثة الإنسانية دفعت المعارضة إلى الانسحاب من المفاوضات التي تدعمها الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي للصراع.
قالت المذكرة إن الموقعين “لا يدعمون الدخول في منحدر زلق ينتهي إلى مواجهة عسكرية مع روسيا”، مع انه ليس من الواضح كيف يمكن تجنب مثل هذا الأمر، بالنظر إلى أن السماء السورية مزدحمة فعلا إضافة إلى الدعم الروسي للأسد.
القناة المعارضة في وزارة الخارجية أسست خلال حرب فيتنام. وفقا لدليل الشئون الخارجية فإن من سياسة وزارة الخارجية أن “كل الموظفين المواطنين داخليا وخارجيا يحق لهم التعبير عن آراء مخالفة أو بديلة حول قضايا جوهرية في السياسة، بطريقة تضمن الجدية واستجابة رفيعة المستوى”.
وقد أنشئت القناة، وفقا للدليل لاستخدامها “عندما لا يكون بالإمكان طرح وجهات النظر هذه بطريقة كاملة وفي الوقت المناسب من خلال القنوات العاملة الطبيعية أو من خلال الإجراءات المتبعة، لوزير الخارجية والمسئولين الآخرين في الوزارة بطريقة يمكنها حماية معد التقرير من أي عقوبة، أو انتقام أو اتهامات”.
واشنطن بوست 17/6/2016
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي