لطالما كان العمل الطوعي من أنجع الطرق للنهوض بالحياة العملية وبث الأمل في قلوب الناس المنهكة وخاصة في حياة الحرب التي تشهدها سوريا منذ أعوام، فكم من جنود مجهولين قدموا وأعطوا دون مقابل في سبيل زرع ابتسامة كادت أن تمحى من شفاه أطفال قدر الله عليهم أن يخلقوا وفي أجسادهم إعاقة تمنعهم من الاندماج والتعلم بسهولة كأمثالهم من الأطفال.
“أنسة شوفي عملت مروحة من الورق الملون وزينتها بشريطة”، بكلماتها البريئة أخبرت “لانا” (9) أعوام معلمتها أنها أتمت بنجاح ماطلبت منها، وتعاني “لانا” من فقدانها لبصرها نتيجة تعرضها منذ سنوات لورم دماغي تركز على العصب البصري، فكانت جمعية الصم والبكم والمكفوفين في مدينة ادلب بيتها الثاني وملاذا آمنا تلجأ إليه وسط عائلة من المتطوعات أحاطتها ورفاقها بجو تسوده المحبة والألفة.
وفي زيارة للجمعية قالت السيدة “منى أسود” المسؤولة الإدارية فيها:” تم افتتاح المركز عام 2007 بجهود فردية من قبل بعض المتطوعات، ويوجد لدينا شعبتين إحداها لتعليم ورعاية المكفوفين والأخرى للصم والبكم وقدمت منظمة اليونيسيف بعضا من الأجهزة والسماعات اللازمة لتعليم الأطفال الصم، إلا أنها تعرضت للسرقة من قبل ضعاف النفوس عقب تحرير مدينة ادلب منذ عامين تقريبا”.
وتعمل في المدرسة مجموعة من المتطوعات، وفي لقاء مع معلمة الأطفال الصم والبكم “جيهان” قالت لنا:” التعامل مع هؤلاء الأطفال ممتع للغاية رغم صعوبته، فكم أشعر بالفخر عندما أرسم بسمة على وجوههم أو يتجاوبوا معي ويتعلموا بعض العلوم والمعارف، واجهت في البداية صعوبة في التأقلم معهم إلا أنني وبمجهود شخصي وعن طري مواقع على الإنترنت تعلمت بعض التقنيات ولغة الإشارة لأتمكن من تعليمهم بشكل متقن أكثر”.
وأضافت السيدة منى لدى سؤالها عن الدعم في العملية التعليمية للأطفال:” حاليا لا يوجد أي جهة داعمة للمركز، ونعتمد في ريعه على الوارد المادي البسيط من مشغل الخياطة، فتقوم المتطوعات بخياطة أطقم للصلاة وأشياء أخرى ومما يمكننا توفيره نشتري لوازم للمركز ووسائل بسيطة للأطفال، فقد توجهنا بمناشدات لعدة منظمات علهم يقدمون وسائل أو أو سماعات لنطور العملية التعليمية لكن دون جدوى، ولدينا طابعة خاصة بالمكفوفين يلزمها برنامج للتشغيل لا يوجد منه في المناطق المحررة إنما في تركيا، فكما يقال العين بصيرة واليد قصيرة، وهناك عدة وسائل متطورة كالقلم الناطق للقرآن، يمكننا توظيفها في رعاية وتعليم أولئك الأطفال إلا أن المشغل لا يمكنه تغطية نفقتها وبالأخص بعد أن تعطلت المولدة التي كانت تمدنا بالكهرباء لتشغيل الماكينات، “.
وما إن تتجول في أروقة المركز تجد صورا لأطفال كانوا من رواده وبجهود الكادر فيه تمكنوا من تخطي إعاقتهم وإكمال تحصيلهم العلمي في الجامعة، ومن يستمع لحديث مديرة المركز يدرك تماما حرصها على مصلحة الأطفال وضرورة دعمهم بشتى الطرق الممكنة، رغم أنها وبالإضافة للمعلمات لا يتقاضين أي أجر يذكر على عملهن ولم تتطرق لأي دعم مادي لهن، بل جل همها العمل الإنساني بعيدا عن المنفعة، فهل تلقى مناشداتها آذانا صاغية ليستمر العطاء ويخرج المركز أبطالا تغلبوا على الإعاقة وأثبتوا وجودهم في الحياة، فهم في معاناة مضاعفة زادتها الحرب أوجاعا.
المركز الصحفي السوري _ سماح الخالد