يعيش آلاف المدنيين في حلب المحاصرة حياة أشبه بالجحيم، وتعجز الكلمات عن وصف حجم المعاناة التي يصارعونها للبقاء على قيد الحياة لساعات إضافية أمام هدير الطائرات الحربية وأصوات البراميل المتفجرة التي تغير حمولتها كل مرة بأنواع مختلفة من القنابل والمتفجرات، وكأن تلك الأحياء أصبحت فأر تجارب لاختبار مدى فاعلية الصواريخ وأيها الأقوى لافتعال المجازر وحصد الأرواح.
في المقابل وعلى مقربة بضعة كيلو مترات منها في القسم الغربي من المدينة، أصدر محافظ حلب حسين دياب قرارين تضمنا تشكيل لجان فنية للقيام بالكشف على الأحياء المتضررة في كل من الحمدانية وحلب الجديدة وتوصيف الأضرار التي لحقت بالمرافق الخدمية والبنى التحتية وتقديم المقترحات اللازمة لإجراء الصيانات المطلوبة على أن تنجز هذه اللجان عملها بالسرعة القصوى، حسب مانشرت جريدة البعث التابعة للنظام.
ولعل المحافظ الموقر نسي أن يذكر السبب الرئيسي في تعرض تلك الأحياء للتخريب وهو غارات طائرات نظامه الحاقدة التي طالت تلك الأحياء بعد تقدم الثوار فيها، إلا أن القصف الوحشي المكثف أجبرهم على الانسحاب منها، وهنا بدأت مهمة شبيحة النظام وميليشياته المساندة له بعمليات السرقة والنهب من بيوت المدنيين الذين أجبرهم النظام على تركها عنوة بحجة الخوف عليهم من تقدم فصائل الثوار، إلا أن هدفهم كان مغايرا والمقصد وراءه “التعفيش”.
وانشغلت مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الأخبار بما فيها المؤيدة للنظام مؤخرا بفضح أعمال “الشبيحة” في الحيين اللذين يود المحافظ إصلاح الخدمات فيهما، فنشر “رضا الباشا” مراسل قناة الميادين الموالية في حلب على صفحته الشخصية يفضح ممارساتهم وينكل بأعمال حماة الديار أو بالأصح خاربي الديار وسارقي بيوت أهلها، والذين من المفروض أن تكون مهمتهم حماية البلد ودحر الإرهاب بحد زعمهم، فأي إرهاب أفظع من ذلك.
وليحفظ النظام ماء وجهه كالعادة، نشر فيديو على صفحاته الموالية يظهر فيه قيامه باعتقال من “يعفشون” البيوت وهم ينزلون من حافلة، والغريب في الفيديو أن جميع العناصر التي ألقي القبض عليها وجوههم مغطاة ولا تبدو عليهم هيئة الخوف من العقاب الذي ينتظرهم، بل على العكس، فهو مجرد تمثيلية هزلية قاموا بها لإسكات من تجرأ ونطق أن بيته تعرض للسرقة ولم يجد فيه حتى إبرة.
أفعال النظام وأقواله الصريحة عبر مسؤوليه كفيلة بأن تفضح سياسته الغبية، فأي نظام من الأنظمة الحاكمة يحارب شعبه ويقصفهم جوا بشتى أنواع الأسلحة ويرتكب يوميا مجازر تعجز الصور عن وصفها وعن إيصال حجم الدمار والخراب على أحيائها، لكنه اعتاد سياسة القمع والإرهاب ليبقى الأسد في النظام الحاكم حتى وإن اضطر لإبادة الشعب بأكمله.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد