ترجمة: محمد المحمد
بعد قرابة السنوات الخمس، وما يزيد عن 250 ألف روح أزهقت، وافقت القوى العالمية الكبرى على خطة لإنهاء الحرب الأهلية التي مزقت سورية، وسمحت للدولة الإسلامية بالتمدد كثيراً في المنطقة. فقد صدر يوم الجمعة الفائت قراراً عن مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وتمت الموافقة عليه بالإجماع، يجعل من مجلس الأمن مسؤولاً رسمياً عن الخطة، التي تم مناقشتها لعدة أشهر، والتي تدعو إلى: وقف إطلاق النار، وإجراء محادثات بين الحكومة السورية والمعارضة، وتضع جدولاً زمنياً، لمدة عامين، لتشكيل حكومة وحدة وطنية؛ إضافة إلى إجراء انتخابات.
يُعد هذا القرار تطور إيجابي، إلا أنه يترك الاختلافات الجوهرية بدون حل، هذه الاختلافات التي أعاقت، ولمدة طويلة، جهود صنع السلام السورية. كما أن هذا القرار يترك مجموعة من القرارات الصعبة من دون حل، والتي ما يزال يتوجب على الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا واللاعبين الرئيسيين الآخرين، مثل إيران والمملكة العربية السعودية والرئيس السوري بشار الأسد، اتخاذها.
لقد كان التصويت على القرار حدثاً نادراً، حيث أنه أظهر انسجام أعضاء مجلس الأمن، الذين تخلوا عن مسؤولياتهم بعد تمتع الصين وروسيا بحق نقض أربعة قرارات في العام 2011. وقد سعت تلك المبادرات للضغط على الرئيس بشار الأسد في الوقت الذي كانت فيه مجموعة العمل الدولية تحاول منعه من الانتقام من معارضيه السياسيين، الشيء الذي أدى إلى تفكك سورية. ومنذ ذلك الحين، اتضح أنه من غير المحتمل أن يحقق أحد الطرفين: الرئيس الأسد أو المعارضة، انتصاراً عسكرياً على الطرف الآخر. وفي هذه الأثناء استغلت الدولة الإسلامية حالة الفوضى في البلاد، فاستولت على أراض جديدة في كل من العراق وسورية، وصعّدت من هجماتها، وبشكل مضطرد، ليس فقط على المنطقة، وإنما على الغرب، وعلى روسيا كذلك.
وبغياب أفق منظور للحرب الأهلية، فلن يكتب لأي حملة النجاح في هزيمة الدولة الإسلامية. فلا يوجد حتى الآن اتفاق بشأن من سيمثل المعارضة السورية، والتي تضم جماعات من المعارضة المعتدلة والمتطرفة والتي تدعمها بلدان مختلفة.
كما أن مشكلة بقاء الأسد أو رحيله ما تزال بدون حل، فالجماعات الثائرة، التي تدعمها تركيا والمملكة العربية السعودية، تصر على رحيله من السلطة. وقد سعت إيران وروسيا لمنع الإطاحة به من خلال زيادة دعمهما العسكري والمالي. أما الولايات المتحدة الأمريكية فطالبت في البداية برحيل الرئيس الأسد، إلا أنها منذ ذلك الحين بدأت بتخفيف حدة موقفها ذاك. فهي الآن تدعم التفاوض حول تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم أعضاء من المعارضة مع عناصر من نظام الأسد.
إن رسالة إدارة أوباما تلك يشوبها الاضطراب في بعض الأحيان، رغم أنه من الصعب، أو المقت، الاعتراف بأن الإطاحة المفاجئة بالرئيس الأسد، الآن، من شأنها زعزعة الاستقرار في سورية أكثر من الزعزعة الموجودة في وجوده. ومع ذلك سيكون من المعيب إذا سُمح لهذا الجزار بخوض الانتخابات التي تدعو إليها الخطة الجديدة في غضون عامين.
أما وقف إطلاق النار فهو العنصر من الخطة، الذي يحتاجه المدنيون السوريين أكثر من غيره، الذين طالت معاناتهم، إلا أنه لا يزال بعيد المنال. ومن المفترض أن يعطي بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، في غضون شهر، خيارات لمجلس الأمن لمراقبة وقف إطلاق النار. ولعل استخدام قوات حفظ السلام الأممية لن يجدي نفعاً؛ لأنه لا وجود لمعالم واضحة لخطوط وقف إطلاق النار.
وهناك سؤال جوهري آخر هو: هل روسيا، التي تقود مفاوضات الجانب السوري مع الجانب الأمريكي، ملتزمة حقاً بالسلام؟ فمعظم هجماتها في سورية استهدفت قوات المعارضة، وليس الدولة الإسلامية. ووفقاً لعمال الإنقاذ والسكان، فقد استمر نمط هجماتها هذا يوم الأحد عندما قتلت طائراتها الحربية عشرات الأشخاص في سوق مزدحم في مدينة إدلب التي يسيطر عليها الثوار. ولو أن روسيا مؤمنة حقاً بخطة السلام، والتي أسهمت بإعدادها، فإنه ينبغي عليها أن تكون مثالاً يحتذى به في ضرب الدولة الإسلامية، وليس الثوار الذين من المفترض أن يشاركوا في محادثات المرحلة الانتقالية.
ومن خلال الفرز يتبين لنا أن هناك العديد من العقبات الأخرى، منها ما إذا كانت إيران ستلعب دوراً بناءاً؛ وكذلك، وفي حال انتهاء الحرب الأهلية، هل سيتم تجنيد قوات من سورية ومن أماكن أخرى لهزيمة الدولة الإسلامية. يجب إنهاء الحرب السورية، ولكن الأمل في ذلك يبدو صعباً، عندما يقول سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي بأنه ليس متفائل كثيراً حول ما تم إنجازه اليوم.
مصدر المقال الأصلي: نيويورك تايمز
http://www.nytimes.com/2015/12/22/opinion/the-security-council-wakes-up-on-syria.html?_r=0