شهداء هنا وجرحى هناك على أطراف الطريق وتحت الأنقاض منهم من فارق الحياة ومنهم من ينتظر فرق الدفاع المدني لتخرجه من تحت الأنقاض، هكذا كان حال أحد الشوارع الرئيسية في مدينة ادلب بعد أن قصفه الطيران الحربي الروسي بأربع صواريخ فراغية يوم 20 من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
“أحمد” الذي يبلغ من العمر 26 عاما والذي أراد الزواج من ابنة عمه بعد أن استمرت خطوبتهما سنة ونصف، وبسبب عدم قدرته على الذهاب إلى مناطق سيطرة النظام كونه مطلوباً للخدمة الاحتياط، قرر أن يتم زواجه من خلال المحكمة الشرعية في مدينة ادلب المحررة.
صباح يوم الأحد الماضي، ذهب أحمد وأخوه إلى المحكمة مع خطيبته وأخيها كي يكونوا شهودا على الزواج، وبعد أن تم عقد القران داخل قاعة المحكمة بانت بسمات الفرح على وجه أحمد وزوجته لتصعقها الصواريخ الحربية الروسية وتقصف المبنى وتنسفه بالكامل، علما أن التدخل الروسي في سوريا قد بدأ في 30 من سبتمبر الماضي بحجة محاربة الإرهاب و قصف مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية.
وأظهر تحليل أجرته وكالة “رويترز” على بيانات مقدمة من وزارة الدفاع الروسية أن حوالي 80% من الغارات الجوية الروسية في سوريا نفذت في مناطق لا يسيطر عليها تنظيم الدولة على عكس تأكيدات موسكو بأن هدفها هزيمة هذا التنظيم .
وقال دبلوماسي غربي كبير في نيويورك إن 85% من الغارات الروسية نفذت ضد جماعات لا علاقة لها بتنظيم الدولة .
وبعد عدة ساعات من البحث انتشلت فرق الدفاع المدني جثة أحمد وخطيبته وأخيها من تحت الأنقاض ليرتقوا شهداء يتمون مراسم الزواج في الجنة .ويبقى شقيق أحمد قعيد الفراش مقطوع القدمين بعد أن أصابته إحدى شظايا الصواريخ الروسية وخلفت تلك المجزرة وراءها حوالي 64 شهيدا و200 جريح.
ولم تكن قصة أحمد وزوجته هي الوحيدة، إذ يستشهد كل يوم عدد من المدنيين جراء الغارات الروسية لكونهم حاضنة شعبية للإرهاب كما يزعم النظام، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ومنذ بدء الهجمات الروسية في 30 أيلول 2015 وحتى 1 كانون الأول 2015، عدد الهجمات وأماكن توزعها، وعدد الضحايا المدنيين، وتسببت هذه الهجمات بحسب فريق توثيق الضحايا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان باستشهاد 583 شخصاً توزعوا إلى 570 “مدنياً”، بينهم 152 طفلاً و60 سيدة، و13 عنصرا من كتائب المعارضة فقط.
لم تلق هذه المجزرة التي خلفت أكثر من 100 شهيد و مئتي جريح ردودا أو تنديدا دوليا سوى إدانة خجولة من قبل الحكومة التركية، ويرى النظام وحلفاؤه في هذه الإدانات الضئيلة الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين دون رادع.
محمد المحمود
المركز الصحفي السوري