لم تأت الإجراءات الحكومية الرامية لفضّ التظاهرات في العاصمة العراقية بغداد، ومحافظات الوسط والجنوب الأخرى، بأي جدوى، بل على العكس من ذلك، إذ تزداد أعداد الجموع المحتجّة في ساحة التحرير (وسط العاصمة)، متحدية غزارة القذائف الدخانية والصوتية التي تُطلقها قوى الأمن على المتظاهرين، خشية من عبورهم إلى الجانب الآخر من المدينة، صوب المنطقة الخضراء، شديدة التحصين.
ومنذ ساعات الصباح الأولى، أمس الثلاثاء، توافدت إلى ساحة التحرير جموع غفيرة من المتظاهرين المطالبين بإسقاط الحكومة وحلّ البرلمان، وإجراء تعديلات دستورية وانتخابات مبكّرة، بإشراف أممي.
ووفق ما قال شهود عيان لـ«القدس العربي»، فإن المتظاهرين ملأوا مبنى المطعم التركي (الشاهق) والمطلّ على المنطقة الخضراء، وهم يحملون العلم العراقي، فيما أقدموا على تعليق يافطات في أعلى قمّة المبنى، كُتب عليها باللهجة المحليّة (أكدر أشوف)، في إشارة إلى المسؤولين في المنطقة الخضراء.
مقابل ذلك، عمدت قوى الأمن إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع والدخانية، صوب ساحة التحرير ومبنى المطعم التركي، من خلف الكتل الكونكريتية.
في السياق، شهدت مدينة كربلاء تظاهرات احتجاجية ليلية، تضاربت الأنباء بشأن الضحايا الذين سقطوا فيها بين قتيل وجريح.
وكالة «رويترز» نقلت عن مصادر طبية تأكيدها مقتل ما لا يقل عن 13 شخصا، وإصابة 865 آخرين في إطلاق نار من قوات أمنية تجاه المتظاهرين في محافظة كربلاء، في حين أعلنت مفوضية حقوق الإنسان (خاضعة لرقابة البرلمان)، مقتل 18 شخصا وإصابة 800 خلال أحداث كربلاء.
ومقابل ذلك نفت الرواية الرسمية وجود قتلى في تظاهرات كربلاء، معتبرة أن ما أشيع هو «تأجيج» للشارع الكربلائي.
محافظ كربلاء نصيف الخطابي، قال خلال مؤتمر إن «هناك فيديوهات دبلجت بشأن أحداث كربلاء وهي غير صحيحة».
إلى ذلك، انضم زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر أمس الثلاثاء إلى عشرات آلاف المتظاهرين في العراق المطالبين بـ«إسقاط الحكومة».
ومنذ بداية الحراك، يرفض المتظاهرون أي محاولة لركوب الموجة سياسياً، والإبقاء على طابعها الشعبي المطلبي.
وكان الصدر دعا أول أمس في تغريدة إلى انتخابات نيابية مبكرة،
لكن رئيس الحكومة عادل عبد المهدي رد في رسالة «إذا كان هدف الانتخابات تغيير الحكومة، فهناك طريق أكثر اختصاراً وهو أن تتفق مع (هادي) العامري لتشكيل حكومة جديدة».
ولم يتأخر رد الصدر الذي قال «جوابا على كلام الأخ عادل عبد المهدي كنت أظن أن مطالبتك بالانتخابات المبكرة فيها حفظ لكرامتك، أما إذا رفضت فإنني أدعو الأخ هادي العامري للتعاون من أجل سحب الثقة عنك فورا».
إلى ذلك، أخلت السلطات العراقية، الثلاثاء، مقرين للحشد الشعبي في محافظة كربلاء جنوبي البلاد. وقال مصدر في الشرطة إن الأخيرة «تسلمت مقر عصائب أهل الحق، ومقر منظمة بدر، مع انسحاب جميع عناصر حماية المقرين».
وأوضح المصدر أن قرار الإخلاء «يأتي لتفادي حدوث أي تصادم بين المتظاهرين وعناصر حماية المقرين، على خلفية ما حصل في باقي المحافظات»