القصة وما فيها هي أنه من الواضح وضوح الشمس أن النظام الإيراني سيقع في فخ قضائي ، حيث قام هذا النظام الفاشي ردًّا على سلسلة من الضربات السياسية من المقاومة الإيرانية على الساحة العالمية؛ بخطوة غير تقليدية تنطوي على اتخاذ إجراءات قانونية ضد منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، حيث استدعى من خلال إعلان عام أكثر من مائة شخص للمثول أمام محكمة جنائية في محافظة طهران ، وحذر البيان من أن عدم الامتثال قد يؤدي إلى عواقب قانونية وفقًا للقانون ، وعلى الرغم من أن تهديد نظام الملالي باستخدام القانون ضد المقاومة الإيرانية قد يبدو مشكوكًا فيه؛ إلا أنه ليس متوقعًا تمامًا، والجدير بالذكر أن 124 شخصًا من قادة العالم ، من بينهم رؤساء الجمهوريات ورؤساء الوزراء السابقون ، و75 فائزًا بجائزة نوبل يدعمون البديل الديمقراطي و ميثاق السيدة رجوي المكون من 10 بنود ، ويدعون معًا إلى مقاضاة ومساءلة قيادة نظام الملالي على جرائمهم ضد الإنسان ، وتركز هذه الدعوات بشكل خاص على مجزرة الإبادة الجماعية عام 1988 التي راح ضحيتها 30,000 سجين سياسي.
و الجدير بالذكر أن نظام الملالي لم يعامل على الإطلاق منظمة مجاهدي خلق وفقًا لـ “القانون”، حيث أصدر الولي الفقيه السابق خميني فتوى في عام 1988 تنص على وجوب إعدام جميع أعضاء منظمة مجاهدي خلق الثابتين على مواقفهم إخلاصًا لمعتقداتهم. وبالتالي ، فإن اللجوء إلى المسرحيات القانونية بعد 4 عقود من المجازر وقتل أعضاء منظمة مجاهدي خلق وداعميها هو دليل واضح على ضعف نظام الملالي و يأسه في مواجهة الموجة المتزايدة من الإجماع الدولي على ضرورة محاسبته على جرائمه العديدة، بما في ذلك مجزرة أعضاء منظمة مجاهدي خلق عام 1988. وفي الوقت الذي يواجه فيه المجتمع الإيراني ظروفًا متفجرة ومعارضة متنامية ضد نظام الملالي ، و يبدي الولي الفقيه علي خامنئي قلقًا كبيرًا بشأن المقاومة المنظمة ويسعى لمحاصرة مصادر خوفه ومواجهتها والقضاء عليها ، ورفع الروح المعنوية لقواه الآخذة في التناقص، وبث الخوف في نفوس شبان الثورة باللجوء إلى مقاربات جديدة حتى وإن كانت سخيفة.
تجدر الإشارة إلى أن نظام الملالي قد حاول مرارًا وتكرارًا فيما مضى تشويه سمعة منظمة مجاهدي خلق من خلال محاكمات ملفقة والتلاعب بالنظام القضائي ، واغتالت وزارة المخابرات التابعة لهذا النظام الفاشي خلال عملية تطهير وحشية ضد معارضيه في تسعينيات القرن الماضي عُرفت باسم “جرائم القتل المتسلسلة في إيران” ثلاثة قساوسة مسيحيين واتهمت منظمة مجاهدي خلق بقتلهم ، وكانت وزارة المخابرات تلك تحاول من خلال تنظيم محاكمة صورية وإشراك 3 نساء شهدن بأنهن من أعضاء في منظمة مجاهدي خلق؛ تحاول إلقاء اللوم على منظمة مجاهدي خلق في ارتكاب جرائم شنيعة ، ومع ذلك ثَبُت عدم جدوى هذه المساعي الشيطانية عندما حضر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالوضع في إيران مراحل المحاكمة وكشف مسؤول الأمم المتحدة النقاب عن أن المحاكمة ملفقة ، وأن النساء الثلاث كن في الواقع عميلات للحكومة يعملن لمصلحتها ، وخلُص إلى أنه لن تتم تنفيذ العقوبة المعلنة ضدهن على الإطلاق ، وعلى الرغم من إخفاقات نظام الملالي السابقة يبدو أن اليأس دفع خامنئي إلى تكرار التكتيكات القديمة مرة أخرى ، وتُبرز المناورة الأخيرة القلق الرئيسي لخامنئي وتكشف عن الهدف الأساسي من تهديداته ، والحقيقة هي أن المحاكمة التي يدعو لها خامنئي هي اعترافٌ صريح بمنظمة مجاهدي خلق هي المعارضة الرئيسية هذا النظام الفاشي وضحيته ، وحتى إذا توفرت محكمة محايدة واكتملت عملية التحقيق في القضايا وتمت إدانة هؤلاء الأفراد ، فمن غير المرجح أن تسفر هذه الإجراءات عن أي فوائد معينة و تسبب ضررًا لـ” منظمة مجاهدي خلق” وذلك نظرًا للإيمان الراسخ والسجل الحافل للمقاومة الإيرانية التي انتصرت على النظام في أي محاكمة عادلة تحت إشراف دولي ، وهنا فإنها ترحب بطبيعة الحال بأي مبادرة قانونية حقيقية، وأُجزم بأن المقاومة الإيرانية تأمل أن تتخطى طهران تلك المحاكمات الهزلية والقضايا الملفقة وتنخرط في مواجهة المقاومة الإيرانية بسيادة القانون والقبول بالخضوع لمحاكم دولية بشأن كثيرٍ من القضايا كالإبادة الجماعية وقتل الأطفال انتهاكات حقوق الإنسان وإعطاء المخدرات للسجناء داخل السجون ، وعندها سيتضح من هم الإرهابيون الحقيقيون ومن هم الذين ينتهكون حقوق الإنسان ، ولمن شرعية الوجود.
إدانة استهتار النظام الإيراني الجديد بالقانون الدولي
أصدرت اللجنة الدولية للبحث عن العدالة التي تحظى بدعم آلاف المشرعين عبر أوروبا بيانا وجهته إلى رؤساء الدول والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أدانت فيه الوجه الجديد من استهتار النظام الإيراني بالقوانين الدولية ومهزلته السخيفة عن لائحة الاتهام الوهمية التي أصدرتها سلطته القضائية بحق 104 أفراد من عناصر المقاومة الإيرانية معظمهم من اللاجئين أو المواطنين في دول الاتحاد الأوروبي أو في ألبانيا ، وكانت سلطة النظام الإيراني القضائية قد طالب بوقاحة بضرورة قيام الأسماء المذكورة بتقديم محامي دفاعهم له في غضون شهر، وأشارت اللجنة الدولية للبحث عن العدالة في رسالتها إلى أن هذه المهزلة السخيفة تأتي من قبل نظام لا يعير أي اهتمام لحق الدفاع عن النفس وقد أعدم عشرات الآلاف من السجناء السياسيين بعد خضوعهم بضع دقائق لمحاكمات صورية ، وهكذا نظام قد تمت إدانته 69 مرة من قبل مختلف هيئات الأمم المتحدة بسبب الأرقام القياسية العالمية في عمليات الإعدام وانتهاكات حقوق الإنسان، وجريمة هؤلاء الـ 104 أشخاص مثل كل من تم إعدامهم أنهم وقفوا ضد الفاشية الدينية وأخلصوا في انتمائهم لمجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية وعقيدتهم الوطنية والفكرية.
والجدير بالذكر أن الحكومة الإيرانية غير القادرة على أن تُطفئ نيران الانتفاضة، على الرغم من اعتقال 30,000 شخص وقتل 750 شخصًا وإعدام أكثر من 400 شخص منذ بداية عام 2023؛ تحاول تشجيع القوى القمعية بهذه المناورات من جهة، وتدمير معارضتها الرئيسية المنظمة وشل حرکتها خارج إيران من جهة أخرى، ولكن هيهات لها أن تنجح في ذلك.
استبعاد مساندة تيار الاسترضاء في الغرب لنظام الملالي إلى ما لا نهاية
يتلقى النظام الايراني ومليشياته وأذنابه في المنطقة الدعم السياسي المباشر من دول الغرب ، فالصمت الأوروبي والمواقف المترددة بشأن الأعمال العدوانية لنظام الملالي ضد المعارضة الإيرانية جعلت هذا النظام الفاشي أكثر جرأة في التمادي في جبروته، و يعد إطلاق الحكومة البلجيكية لسراح أسد الله أسدي الدبلوماسي الإرهابي للنظام الإيراني الذي قاد أكبر حادث إرهابي في أوروبا ، والهجوم على اللاجئين الإيرانيين في أشرف 3 الذي كان بناءً على معلومات كاذبة قدمتها الفاشية الدينية من بين هذه المواقف ؛ فالصمت و التقاعس نموذج مشجع لإصدار لوائح اتهام وأوامر وهمية سيستخدمها حكام إيران كوسيلة للابتزاز والضغط على الدول الأوروبية والأعمال الإرهابية ضد مجاهدي خلق في أوروبا ، والحقيقة المؤكدة هي أن تيار الاسترضاء في الغرب لن يتمكن من مساندة نظام الملالي إلى ما لا نهاية، خاصة بعد كشف الملالي لأوراق اللعبة وأنهم هم والمتحالفين معهم يستهدفون المقاومة الإيرانية ومنظمتها المحورية منظمة مجاهدي خلق، وبناءً عليه ستتم الإدانة الحازمة للإجراءات القمعية ضد منظمة مجاهدي خلق و104 أشخاص تحت غطاء الإجراءات القضائية وسيكون الرد لن نسمح لطهران بأخذ ديمقراطياتنا رهينة بمثل هذه الحيل القذرة وإرساء أسس الأعمال الإرهابية وتعريض أمن أوروبا للخطر ، ومن الممكن أن يتم تأييد تشكيل محكمة دولية في أوروبا لمحاكمة المسؤولين في النظام الإيراني عن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
والجدير بالذكر أن استخدام الآليات القائمة في الاتحاد الأوروبي والدول لضمان الحقوق والحريات الأساسية للاجئين الأعضاء في منظمة مجاهدي خلق في أشرف 3 بألبانيا وتمتعهم بكافة الحقوق المنصوص عليها في اتفاقية جنيف لعام 1951 واتفاقية جنيف لعام 1951 والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والقانون الدولي بما في ذلك حرية التعبير والتجمع لأمر مؤكد لا رجعة فيه ، وذاك هو الحق الذي تعهدت به ألبانيا والتزم به رئيس وزراء ألبانيا في رسالته إلى نائب رئيس البرلمان الأوروبي في أبريل 2016، وهذه خطوة إيجابية للغاية لدخول ألبانيا في الاتحاد الأوروبي، ومن هذا المنطلق نعتقد اعتقادًا راسخًا أنه يجب توجيه أصابع الاتهام إلى المسؤولين عن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان في النظام الإيراني وتقديمهم إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي.
موقف منظمة مجاهدي خلق والمقاومة من دعوة نظام الملالي لمحاكمتهم
بعد أن أصدر قضاء نظام الملالي مؤخرًا مذكرة لمحاكمة 104 أشخاص من أعضاء مجاهدي خلق الإيرانية؛ عقدت المنظمة مؤتمرها السنوي للتقاضي وضرورة محاكمة قادة نظام الملالي على ما ارتكبوه من جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية؛ وفي اليوم الـ 3 للمؤتمر حضرت شخصياتٌ يكفي اسم كل منها لهز بدن الطغاة، وهي شخصيات من أمثال السفير يواكيم روكر رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حتى عام 2015، والسيد بيير ساني الأمين العام لمنظمة العفو الدولية حتى عام 2001 ، والبروفيسور أرييل دوليتسكي رئيس الفريق العامل بالأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري حتى عام 2015 ، وغيرهم من الخبراء الدوليين الذين أكدوا على ضرورة محاكمة قادة نظام الملالي ، كما عُقد اجتماعٌ في البرلمان البريطاني بحضور السيد جاويد رحمان المقرر الخاص للأمم المتحدة الذي صرح إضافة إلى خطابات اللوردات والممثلين والخبراء القانونيين بأن سلطات النظام الإيراني هي التي نفذت عمليات الإعدام الجماعية في عام 1988، وطالب بتشكيل محكمة دولية.
أما فيما يتعلق بالجانب الاجتماعي، نجد أن وحدات المقاومة والشباب الثائر لا متواصلين في تأجيج الانتفاضة وإبقائها مشتعلة كما كانت عليه وفقًا لخارطة الطريق “الرد بالمثل”، في حين أن نظام الملالي ادعى مرارًا وتكرارًا أن الانتفاضة قد انتهت ، حيث أظهرت الصور الرائعة لآلاف أعمال وحدات المقاومة وتركيب المئات من الصور الضوئية واللافتات أن ظاهرة وحدات المقاومة قد لقيت ترحيبًا واسعًا من المجتمع باعتبارها الرد الوحيد الفعال على النهج القمعي الاستبدادي لنظام ولاية الفقيه.
وسوف تواجه منظمة مجاهدي خلق الإيرانية نظام ولاية الفقيه في أول مواجهة بينهما على الصعيد الدولي قضائيًّا لخوض معركة قضائية عادلة، ولا يُظن أن يكون لدى نظام الملالي الجرأة على خوض هذه المعركة ذلك لأنه يعلم أنه الخاسر مقدمًا.
ختاماً نقول إذا كان الغراب دليل قومٍ دلهم على أرض الخراب.. إذا كان الغراب دليل قومٍ فلا فلحوا ولا فلح الغرابُ ، ولما كان الملالي دليل القوم في إيران والمنطقة وقادتهم وبوصلتهم ها هم قد أوصلوهم إلى أرض الخراب ، وينطبق القول على من يعتمدون على ملالي طهران ويتخذونهم دليلًا وشريكًا ، كذلك الحال فإن من يسلم زمام الأمور لتيار الاسترضاء في الغرب سينتهي بهم الحال إلى أرض الخراب فها هم الملالي يفضحون ما دبروه بالليل مع تيار الاسترضاء ويقلبون الطاولة على من تعاون معهم وساندهم.. بالليل تعاهدوا معًا و بالنهار ساوموهم و فرضوا عليهم الإتاوات و سياسة الأمر الواقع.. هكذا هم الملالي.. فهل فهم العالم الدرس؟ هل فهمنا نحن العرب الدرس أم سنبقى يستهوينا عشق المحن والأزمات كجنود يخرجون من عثرة إلى حفرة إلى خندق إلى نفق مظلم إلى معركة ثم إلى مقبرة وبدون الله يرحمه.
د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي
I’m truly enjoying the design and layout of your site. It’s a very easy on the eyes which makes it much more pleasant for me to come here and visit more often. Did you hire out a developer to create your theme? Exceptional work!