تركيا البلد الشقيق والمجاور لسوريا، كان هذا البلد الداعم الرئيسي لحراك الشعب السوري، منذ أن كان حراكا سلميا في حين تغافل كثيرون عن مد يد العون لأهلهم في سوريا، ودعا النظام في أوائل الأزمة ليحترم إرادة الشعب، لتبقى علاقته جيدة معه وليبقى بلدا صديقا لسوريا، إلا أن النظام لم يستجب وبدأ يتعامل مع الأزمة السورية بتعنّت مستمر، وتزايدت أعمال العنف في سوريا مع استخدام النظام سياسة القمع، ما دفع بتركيا لتغيّر مواقفها ضد النظام والاتجاه لدعم إرادة شعب الذي أراد أن يكون حرا.
انقلاب عسكري ضد حكومة أروغان، جعل الجميع في حالة ترقب وخصوصا السوريون في الساعات الأولى من عمر الانقلاب القصير، ريثما دقت ساعة حسم مصير الانقلاب، الذي باء بالفشل وشهدت وقوف الشعب التركي والقوات الحكومية جنبا إلى جنب، بل أيضا شهدت نزول كثير من السوريين الى الساحات كتفا بكتف مع المواطنين الأتراك، تضامنا مع من قدم لهم العون والدعم على مدى خمس سنوات من الحرب، وبل تضامنا مع شعب كان الصدر الرحب في استقبال السوريين، ليقولوا كلمتهم وليبرزوا صورا جديدة من صور الدفاع عن تركيا الحديثة، بعيدا عن حكم العسكر وما ستحول إليه البلاد من حالة فوضى عارمة خصوصا في ظل التوترات على الحدود السورية، وحالة عدم الاستقرار في ضبطها.
فتحت تركيا أبوابها أمام السوريين منذ الأيام الأولى بالثورة السورية، فاستقبلت الهاربين من حكم النظام الجائر، الذي استبد بالرأي السياسي واحتكر السلطة على مدى أربعين عاما، فارتأت الحكومة التركية الحكيمة أن تترك للسوريين ملاذا، واستقبلت السوريين رغم كل الإرهاصات التي حصلت على الحدود السورية-التركية ومطالبة دول عدة لها بإيقاف التدفق الهائل للاجئين، والانفلات الأمني الموجود على الحدود، والذي سيعرض البلاد إلى كثير من حالات الاضطراب الأمني، وابرز مثال على هذا “التفجيرات”، كالتفجير الذي حصل مؤخرا في مطار استنبول.
تركيا التي باتت تقريبا المنفذ الوحيد للسوريين للسفر واللجوء، بالإضافة إلى الكم الهائل من المعونات الغذائية والصحية التي دخلت الأراضي السورية من خلال أراضيها، فقد وفرت مادة الطحين للخبز والأدوية ودعم المنظمات للمشافي الميدانية، ففي حال تغيرت السلطة في تركيا وانقلاب السياسات المتبعة مع الشعب السوري، فإن حالة إنسانية رهيبة قد تصيب المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وخصوصا المناطق الشمالية من سوريا، فستصبح تلك المناطق محاصرة وفي وضع حرج، فالنظام السوري له سوابق في التجوع والحصار.
ماذا لوكان الانقلاب قد نجح؟ وما مصير الثورة السورية حينها؟
الجواب وبغض النظر عن الدعم العسكري المفترض للداخل السوري في صفوف المعارضة، كان من الممكن أن تستسلم كثير من الفصائل تحت ضغط الحالة الإنسانية، ودفعهم للاستسلام أمام الحالة الإنسانية الصعبة التي من الممكن أن تصل إليها المناطق المحررة فالحصار الإنساني سيتبعها حصار عسكري لا بد منه، وحينها أيضا قد تتحرك كثير من الأوراق في الداخل السوري، وتصبح الغلبة لصالح مجموعة دون غيرها.
الشعب السوري الذي بات أكثر من(3) ملايين سوري لاجئا في تركيا، والذي يعتمد بشكل أساسي على دعم الجانب التركي، وحتى دعم المنظمات القادم من الدول الأوربية والعربية، فتركيا المنفذ الوحيد لدخولها للأراضي السورية، مع فشل الأمم المتحدة بإدخال المساعدات عن طريق النظام، أو حتى السماح برميها من الطائرات في نطاق مناطق محددة فكيف ستنجح على نطاق أوسع، إن فشل الانقلاب ما هو إلا رحمة من الله، وتوفيق للقيادة التركية التي ساندت شعبا بات مظلوما، ومحاصرا من جميع الجهات.
المركز الصحفي السوري–آية رضوان