أقدمت القوات الجوية التركية في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، على إسقاط إحدى الطائرات الروسية الحربية المُخترقة لأجوائها، وعقب إسقاط الطائرة، أكدت الحكومة التركية أنها قامت قبل ذلك بإعلان قواعد الاشتباك محذرةً بذلك من إقدام أي دولة على اختراق أجوائها، وهذا ما استندت عليه الحكومة التركية غداة إسقاطها للطائرة.
في ضوء هذه الحادثة يظهر للسطح تساؤل أثار فضول الكثير وهو ما هي قواعد الاشتباك؟ تُعرف قواعد الاشتباك على أنها قواعد تعرف الشروط الخاصة بطبيعة الرد العسكري الذي ستقوم به دولة ما في حين تعرضت لأي اعتداء أو تهديد عسكري فعلي وواضح.
يتم تحديد نوعية هذه القواعد من قبل حكومات أو سلطات الدول الحاكمة، وقد تكون هذه القواعد انسيابية؛ بمعنى يمكن لها التغاضي عمليات الاختراق البرية والبحرية الجوية المفاجأة من قبل الدول الصديقة، وقد تكون صارمة؛ بمعنى لا تتغاضى عن أي عمليات اختراق وتقوم بالرد المباشر على هذه العمليات، وتتغير هذه الحالة حسب الوضع العام المُحيط بالدولة.
ووفقًا لما ذٌكر في الدراسة الأكاديمية للباحثة الحقوقية “عائشة نور ديل”، فإن قواعد الاشتباك لم تتشكل على مستوى قانوني دولي بل على مستوى أمريكي داخلي ومن ثم أصبحت قواعد “عرف وعادة” دولية يُقتدى بها من قبل الدول الأخرى.
وتذكر ديل، في دراستها “المعنى الأساسي لقواعد الاشتباك”، نُشرت على الصفحة الرسمية لموقع مركز أنقرة للدراسات الاستراتيجية، بتاريخ 4 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، أن قواعد الاشتباك طفت للسطح أثناء الحرب الكورية “1950 ـ 1953″، إذ أرسلت رئاسة الأركان الأمريكية قواعد الاشتباك العسكرية إلى الجنرال الأمريكي قائد الحرب “ماك أرتور” ، وكانت هذه القواعد تحتوي على عددا ً من التعليمات والشروط التي تحدد للقوات الأمريكية والقوات الأخرى كيفية التعامل مع العدو.
وحسب الباحثة، فإن التعليمات العسكرية الخاصة بقواعد الاشتباك تتغير من حين لأخر بحسب ما تقتضيه الحاجة، وعادة ما تتعلق قواعد الاشتباك بالأهداف العسكرية، وطبيعة استهداف تلك الاهداف، وطبيعة الرد في حين تم التعرض لاختراق سيادة الدولة.
وفي حين تم البحث عن أسس تتعلق بقواعد الاشتباك داخل نصوص ومواثيق القانون الدولي أو اتفاقيتي جنيف وفينا المتعلقتين بشكل مباشر بحقوق الحروب والاشتباكات، فإنه لا يمكن إيجاد رأس أي خيط يدل على وجود مكان أو قاعدة معينة لهذه القواعد. ولكن، وحسب ما تبينه صحيفة “حرييت” التركية، تم اعتماد هذه القواعد التي صدرت من قبل الولايات المُتحدة الأمريكية، من قبل المنظمات الدولية لأنها تلعب دور كبير في تسهيل عملية التحقيقات الدولية التي تعمل على إيجاد المُخطئ من المحق عقب أي عملية اشتباك، إذ أن قواعد الاشتباك الخاصة بالدولة تظهر الأسباب التي دفعتها إلى الرد بهذا الشكل أو ذاك، وفي حين لم يظهر بأن الدولة قامت بتغيير قواعدها الخاصة بالاشتباك قبيل الرد على الاختراق العسكري تُعتبر هي المخطئ ويُفرض عليها عقوبات دولية.
وتوضح صحيفة حرييت في تقريرها “ما هي قواعد الاشتباك؟ وكيف يتم تحديدها؟”، أنه لكي تكون قواعد الاشتباك صحيحة ومقبولة من قبل النظام الدولي، يجب أن يتم تحديدها بالاعتماد على قواعده ومبادئه الخاصة بالحرب.
وبالرجوع إلى قواعد الاشتباك التي كانت قد أعلنتها تركيا بتاريخ 22 حزيران/ يونيو 2012، أي في نفس اليوم الذي تم فيه إسقاط الطائرة التركية من قبل سورية، يتضح أن هذه القواعد تؤكد على أن تركيا تعمل على تحذير المُخترق لأجواء السيادية لأكثر من مرة ولا تقوم بإسقاط الطائرة بشكل مباشر، ولكن في حين استمرت تلك الطائرة بالاختراق يتم مواجهتها بالطائرات العسكرية التركية ويتم إجبارها على الهبوط داخل الأراضي التركية أو ترك المجال الجوي، ولكن في حال تمادي الطرف المخترق في اختراقه متحديًا الطائرات التركية يتم إسقاطه على الفور بصرف النظر عن جنسيته والدولة التي ينتمي إليها”.
هذا وكان رئيس الوزراء التركي السابق ورئيس الجمهورية الحالية “رجب طيب أردوغان” هو من أعلن هذه القواعد في 22 حزيران، مؤكدًا أن زمن العلاقات الطيبة مع سورية قد ولى وأن تركيا ستقوم على إسقاط أي طائرة حربية عسكرية قادمة من الطرف السوري لذا ليحذر الجميع من اختراق أجوائنا لأننا لن نتهاون مع أي طائرة عسكرية تخترق أجوائنا بعيدًا عن جنسيتها.
ترك برس