أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إجراء مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة مع القوات المسلحة التركية، في ريف محافظة إدلب (شمال غرب سوريا) قبل أيام، حيث أشارت إلى أن الهدف الأساسي منها هو ضمان أمن سير الدوريات “التركية – الروسية” على طريق “حلب – اللاذقية” الدولي (M4)، التي تم التوافق على تسييرها ضمن اتفاق الرئيس التركي “رجب طيب اردوغان” ونظيره الروسي “فلاديمير بوتين” في موسكو في الخامس من شهر آذار/ مارس الماضي.
وقال مدير مركز “حميميم” التابع لوزارة الدفاع الروسية “ألكسندر غرينكيفيتش”، إن وحدات من الشرطة الروسية والقوات المسلحة التركية أجرت تدريبات مشتركة، الإثنين، في بلدة “الترنبة” قرب سراقب بريف إدلب الشرقي، على الاستهداف الناري المشترك للجماعات “التخريبية الرافضة للمصالحة وسحب المعدات العسكرية المتضررة وتقديم المساعدة الطبية”.
ماذا تريد موسكو؟
وحول المساعي من هذه الخطوة، يرى الباحث السياسي التركي، مرتضى كوماك، أن “روسيا كان ترغب بسيطرة نظام الأسد على كافة مناطق إدلب، خصوصا الشريط الحدودي مع تركيا؛ ولكن الدخول العسكري التركي الأخير بأعداد هائلة من الجنود والآليات، كان سببا في وقف العمليات العسكرية من خلال فرض وقف إطلاق النار؛ حيث إن الجندي التركي الذي دخل إلى إدلب بعد معركة سراقب مهمته قتالية بعكس الجندي الذي دخل إلى نقاط المراقبة أثناء اتفاق سوتشي”.
ووفقاً لكوماك فإن روسيا عمدت إلى التفاهم مع تركيا بعد خرقها لكل الاتفاقيات السابقة، لأنها تعلم بأن المعركة المقبلة لن تكون في صالح النظام مع تدخل المسيرات التركية في المعركة؛ لذلك عمدت إلى الحلول السلمية والمشاركة مع تركيا في تدريبات مشتركة لتنفيذ الاتفاقات على الأرض.
وهدف التدريبات المشتركة – وفقاً لحديث الباحث التركي لأورينت نت – هو مزيد من التعاون لتنفيذ التفاهمات على طريق m4 ومواجهة التحديات؛ حيث من الممكن أن يتم تنفيذه على طريق m5 وتسيير دوريات مشتركة من الطرفين على المناطق التي تسيطر عليها روسيا وتركيا في إدلب.
وكانت مصادر عسكرية روسية صرحت بأن التدريبات نُفذت في مصلحة ضمان أمن الدوريات المشتركة على طريق M4 في منطقة إدلب، لوقف التصعيد، خصوصا مع الحوادث التي سبقت التدريبات من خلال تفجير بعض الآليات العسكرية التي سببت أضرارا مادية على الطريق الدولي من قبل مجهولين.
من جهته، يقول الباحث في مركز جسور للدراسات، وائل علوان: “تطور العمل المشترك بين الجانبين التركي والروسي هو دلالة مباشرة على حرص الطرفين على الحفاظ على ما تم الاتفاق عليه؛ حيث إن وقف إطلاق النار الموقع في 5 مارس مختلف عن وقف إطلاق النار الذي أعلنته الاتفاقيات السابقة؛ لا سيما أنه في هذه المرة هناك وجود تركي مختلف على الأرض وهناك خارطة جديدة من العلاقات بين تركيا وروسيا”.
ويوضح علوان في حديثه لأورينت نت أن “هناك إجراء على تسيير الدوريات وفتح الطريق الدولي m4 رغم كل التحديات والمصاعب والتي من أهمها التحدي الأمني؛ وهذا التنسيق الذي يصل لمرحلة التدريبات المشتركة من البلدين هو دليل على الدخول في تفاهم مشترك على ملف إدلب؛ أو على الخريطة السورية بشكل عام”.
وحول التفاهمات الأخيرة بين تركيا وروسيا يشير علوان إلى أنه “لا يشترط أن يكون هذا التفاهم تفاهما نهائيا؛ ولكن على الأقل على المدى القريب والمتوسط؛ لأن كلا الطرفين حريص على التمسك به، إذ لا يوجد مؤشرات على التصعيد في الوقت الراهن؛ وخصوصا أن المناوشات بين الأطراف العسكرية محدودة وضمن الاتفاق بين البلدين”.
وتأتي التدريبات “التركية – الروسية” بعد ثلاثة حوادث واستهدافات تعرضت لها الدوريات المشتركة على الطريق الدولي “M4″، أحدها كان بسيارة مفخخة، وأسفر عن إصابة ثلاثة جنود روس، وإعطاب آلية، في منتصف شهر تموز/ يوليو الماضي، وفي السابع عشر من شهر آب/أغسطس الماضي تعرضت دورية أخرى لاستهداف بواسطة قذيفة RPG، ما أدى لإعطاب آلية تركية، تلا ذلك بأيام، وتحديداً في السابع والعشرين من ذات الشهر استهداف عربة روسية أثناء تسيير دورية بعبوة ناسفة، ما أدى لإعطابها أيضاً وإصابة جنديين.رسالة تركية
الدكتور قتيبة فرحات، وهو استاذ في جامعة كارتكن التركية، يؤكد أنه “لاشك بأن أي عملية للنظام وحلفائه هي خارج حسابات الجانب التركي، لسبب مهم هو ضغط الجانب التركي على الطرف الروسي لعودة النازحين إلى بيوتهم وفق صيغة تضمن لهم الأمان والحياة، وأي عملية عسكرية ستجعل الجانب التركي متشبثا أكثر بنقاط مراقبته وبتواجده العسكري الذي يهدف لعودة سكان المنطقة الأصليين لقراهم”.
ويضيف “التدريبات الحاصلة بين الجانبين مؤخرا هي رسائل يمارس الجانب التركي القوة الناعمة خلالها في سبيل منع العملية العسكرية التي ستؤدي ما أدته عمليات سبقت من خلال تهجير المدنيين وتدمير البنية التحتية وقتل آلاف السكان”.
ويختم الفرحات حديثه بالقول: “لذلك ستكون أمام دعم الفصائل التي تقاتل ولن تدخل في مواجهة مباشر مع الروس وحتى لو سقطت مناطق جديدة ستبقى تسير الأرتال وتعزز نقاطها معتمدة سياسة النَّفَس الطويل الذي ينتصر فيه في النهاية صاحب الأرض ومن وقف معهم”.
يشار إلى أن جميع الحوادث على طريق m4 كانت تتبناها مجموعة تطلق على نفسها كتائب “خطاب الشيشاني”، وهي مجموعة غير معروفة التبعية، ولم يلحظ لها أي نشاط عسكري باستثناء ما تعلن عنه من استهداف الدوريات المشتركة.
نقلا عن اورينت نت