“ما بدي فوت بدي أرجع ع بيتنا بالضيعة ” كل يوم تحاول أم ماجد إقناع ابنها أن الخيمة هي بيتهم الجديد، وأن بيتهم في تل رفعت تعرض لقصف من الطيران الروسي، بعد اجتياح قوات سوريا الديمقراطية الكردية للبلدة، فلم يكن أمامهم من حل سوى النزوح للمناطق الحدودية، لتمنعهم السلطات التركية من دخول أراضيها.
لم يستطع ماجد تقبل الوضع الجديد، فكان أغلب وقته يمضيه في البكاء أو بالمشاجرة مع الأطفال النازحين في المخيم، تذمرا منه فيما تحاول أم ماجد ترغيبه بكل الوسائل، دون جدوى من ذلك لينتهي الأمر بها بضربه فقد أصبح عنيفا تجاه الجميع وعدوانيا لدرجة لم تستطع الأم السيطرة عليه.
تصف أم ماجد أوضاع المخيم بالسيئة جدا، فحين وصولهم أعطتهم إحدى المنظمات خيمة “لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف “، كما وصفتها أم ماجد، وبعض الأدوات ومعونة غذائية، التي لم تكفيها لأيام قليلة، فقد مضى على وجودها بالمخيم أكثر من شهرين دون اهتمام من أحد، فلا أحد يهتم لما يحدث لهم.
كثير من الأحيان يصاب ماجد بوعكات صحية مثله مثل جميع أطفال المخيم، تروي حادثة حصلت معهم في الأيام الأولى لنزوحهم،” شرب ماجد ماء من بئر ماء قريب من المخيم” لترتفع حرارته مع إقياء طوال الليل هو ومجموعة من الأطفال، لم تكن تعلم ماذا تفعل فوالد ماجد بقي في تل رفعت للتصدي للهجمة ويمنع دخول الأكراد للمدينة، لحسن حظ أم ماجد أنه كان معهم ممرضة ومعها بعض الأدوية لينجو ماجد من حالة التسمم.
ماجد ابن الحادية عشر سنة انقطع عن المدارس بعد المعارك الدائرة منذ أكثر من أربعة شهور في ريف حلب وبعد قصف الطيران الروسي للكثير من المدارس أوقات دوام الطلاب، خافت والدته من إرساله إلى المدرسة في تل رفعت لتغلق المدرسة بسبب الهجمة الشديدة، وحتى في المخيم لم تسطع أم ماجد إقناع ابنها بالذهاب لإحدى الخيام التي قامت واحدة من المعلمات النازحات بجمع الأطفال محاولة منها تعليمهم.
حين تتحدث لماجد يصف لك كيف كان يلعب مع أقربائه في تل رفعت وكيف كانوا يشكلون كتائب للدفاع عنها، ليتحدث عن والده فهو مقاتل مع فصائل الثورة، ومدينة تل رفعت أكبر معاقل المعارضة المعتدلة في الشمال هي ومدينة مارع واعزاز الحدودية لتركيا، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 50 ألف شخص تم تهجير معظمهم خلال خمس سنوات مضت.
ينهك ماجد من عناده ليخلد آخر كل يوم في خيمته، ليعاود في اليوم الثاني محاولته إقناع أمه بالعودة إلى بيته في تل رفعت، فقد اشتاق لمكان لعبه وكل أصدقائه في الحي، لتصر والدته أنه لم يحن موعد العودة للوطن بعد.
المركز الصحفي السوري – أماني العلي …