” سخيفة ولا أساس لها” هكذا ردت وزارة الدفاع الروسية على الاتهامات التي توجهت إليها بأنها تقتل المدنيين السوريين خلال غاراتها الجوية منذ دخولها الأجواء السورية في سبتمبر 2015، بعد دعوة من حكومة الأسد لمساندتها عسكرياً والقضاء على الإرهاب في سوريا بما فيه تنظيم الدولة الإسلامية.
كان من المفترض أن تكون مدة التدخل العسكري الروسي في سوريا 3 أشهر بعد موافقة مجلس الاتحاد الروسي على تفويض الرئيس بوتين استخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد، إلا أنه تم تمديد المدة الموقعة سابقاً بينهم وبين النظام إلى مثلها بعد أن انقضاء مئة يوم من تدخلهم.
صرح فلاديمير بوتين بالقول “أولا سندعم الجيش السوري فقط في كفاحه الشرعي ضد التنظيمات الإرهابية تحديدًا…وثانيًا سيكون هذا الدعم جويًا فقط دون مشاركة في العمليات البرية”، فنشرت 21 طائرة هجوم أرضي من نوع سوخوي 25مع منظومتين للدفاع الجوية لحماية تلك الطائرات المترافقة بطائرات من دون طيار استطلاعية في سوريا، بالإضافة للعديد من الأسلحة الثقيلة المصحوبة بقواعد روسية وبوارج بحرية.
“619” مجزرة قامت بها المحاربات الروسية في مختلف المحافظات السورية لغاية انتهاء مهلتها الأولى كان أشدها قتلاً مجزرة مدينة إدلب في نهاية كانون الأول الماضي سقط ضمنها أكثر من مئة شهيد، وبينما قال السفير الروسي في موسكو رياض حداد أن:” المقاتلات الروسية تمكنت من تدمير 40% من البنية التحتية “لـتنظيم الدولة” مؤكداً على عدم تواجد أي من أعضاء المعارضة في المناطق التي استهدفت من قبل المقاتلات واصفاً التقارير حول سقوط المدنيين بأنها “حربا إعلامية شعواء”، وثقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان أكثر من 2300 شخصا ثلثهم شهداء مدنيين جراء تلك الغارات بينهم 135 طفل و 115 سيدة.
في الوقت الذي انعقد مؤتمر فيينا بنوفمبر 2015 واتفق فيه ممثلو الدول الـ17 إضافةً إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية على جدول زمني محدد لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا خلال ستة أشهر وإجراء انتخابات خلال 18 شهرا رغم استمرار خلافهم على مصير بشار الأسد، استطاع النظام وقت انعقاد المؤتمر، كثف الطيران الروسي من غاراته واستطاع النظام استعادة السيطرة على مناطق عدة كانت خاضعة للثوار خاصة في ريف اللاذقية، بالمقابل تمكن الثوار أيضاً ورغم الغارات المكثفة السيطرة على أحد أكبر تحصينات النظام في ريف حماة( مورك)، تزامناً مع عدم تأثر تنظيم الدولة السبب الرئيسي لتدخلهم بجميع تلك الضربات، فبحسب الائتلاف الوطني ومراقبين دوليين فإن 94 بالمئة من الهجمات الروسية استهدفت تجمعات للمدنيين ومقرات للمعارضة السورية بالصواريخ الفراغية والفوسفورية والعنقودية.
أكثر من 120 ألف نازح مدني غادروا منازلهم تصدرت قائمتهم أرياف حلب وحماة بعد ضربات روسيا المتزايدة وفق زعمهم على مقرات لتنظيم الدولة والجماعات المتطرفة.
تتالت ردود الأفعال من حكام العالم حول التدخل الروسي في سوريا، منها الموالي له كمصر حيث قال وزير خارجيتها سامح شكري”: إن الغارات الجوية التي تشنها روسيا في سوريا ستساهم في محاصرة الإرهاب والقضاء عليه”، والآخر مناهض له كالسعودية التي جسد موقفها المندوب السعودي عبد الله المعلمي بطلبه إلى الأمم المتحدة بوقف الغارات الروسية. وقال “إن المملكة قلقة من هذه الغارات التي تستهدف مناطق لا وجود لداعش فيها وأدت لسقوط مدنيين”.
إلا أن هذه الردود لم يسمع لها صدى في الأوساط السورية الموالية والروسية، و تستمر روسيا بزيادة عدد طلعاتها الجوية منذ بداية 2016 إلى الآن فتصل لأكثر من 311 طلعة جوية استهدفت خلالها 1097 على مناطق سورية متفرقة، مثل ما أوضح سيرغي رودسكوي رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة، كان آخرها اليوم عدة مجازر في ريف حلب وادلب أدت لاستشهاد أكثر من 100 مدني وتدمير عدة مدارس ونزوح المئات من المدنيين من بلداتهم.
فإلى متى سيبقى الغزو الروسي يحصد أرواح آلاف السوريين ويشردهم على مرأى من مجلس اﻷمن واﻷمم المتحدة ليبقوا مجرد أرقام؟!
محار الحسن
المركز الصحفي السوري