كان لموسكو السبق العسكري والدبلوماسي على البيت الأبيض في الصراع السوري، حيث تم الإعلان، ليلة الجمعة من موسكو، عن تمديد الهدنة بين قوات الأسد والمعارضة المسلحة بثلاث أيام في حلب، شمال سوريا، وكانت روسيا أول من أعلن أن الهدنة ستبدأ يوم 7 مايو/ أيار عند منتصف الليل.
فيما بعد رحّبت وزارة الخارجية الأمريكية، من واشنطن، بعد 24 ساعة، بهذا التمديد، مضيفة أن الهدف هو “الوصول إلى نقطة لا تُحسب فيها عدد ساعات الهدنة، وتَحترم فيها جميع الأطراف وقف العنف”.
ولم تنجح موسكو وواشنطن، بعد جهد جهيد، إلا في فرض يوم هدنة إضافي في سوريا، وهذا دليل على صعوبة مهمة الوصول إلى حل دبلوماسي لحرب تدخل عامها السادس.
ويتبين أنه لن يكون هناك حل بدون مشاركة فعالة من روسيا، التي قدّم دورها الجديد بُعد آخر للصراع السوري. فروسيا وأمريكا أبرز قوّتين فاعلتين في سوريا: واشنطن بصفتها حليف لدول الخليج وتركيا، التي تسعى للإطاحة ببشار الأسد وتدعم المعارضة المسلحة، وموسكو بصفتها مساندا للنظام السوري، حيث أنقذ تدخلها العسكري في الأشهر الأخيرة انهياره للأبد.
ولكن منذ أشهر توجهت روسيا، بشكل متصاعد، نحو الخيار الدبلوماسي والعسكري على حساب الولايات المتحدة، وحلفائها، الذين لم يحركوا ساكنا، حيث قلب التدخل العسكري الروسي، في ديسمبر/ كانون الأول، موازين الحرب رأساً على عقب، كما ساهم الغطاء الجوي الروسي في دعم نظام بشار الأسد وفي فك الحصار عن دمشق، مع استعادة أجزاء من محافظة إدلب وحلب، التي تسيطر عليهما المعارضة، كما ساهم في تكثيف الحصار على منطقة تواجد المعارضة المسلحة. وتوّج هذا التدخل، نهاية مارس/ آذار، باستعادة النظام لمدينة تدمر من يد تنظيم الدولة.
اتفاق موسكو وواشنطن
يتوجه الفاعلين الأساسيين في الأزمة إلى موسكو لفهم ورصد نوايا روسيا ولإبلاغها رسائلهم، حيث زار، يوم الجمعة، رئيس الدبلوماسية القطري، أحد الدول الداعمة للمعارضة المسلحة، مدينة سوتشي، الواقعة على البحر الأسود، لملاقاة فلاديمير بوتين. وتقريبا فإن هذين البلدين متعارضين في كل شيء يتعلق بالملف السوري، ومع ذلك فإنهما يتفقان على أهمية المحافظة على وحدة التراب السوري.
وقد ساهم الاتفاق الأمريكي الروسي في فرض وقف إطلاق النار، وفي عودة محادثات السلام في جنيف، عبر إقامة اتصال غير مباشر بين النظام والمعارضة، الذي تحقق يوم 27 أبريل/ نيسان، وفي الوقت الذي أصبحت فيه الهدنة على المحك، يحاول الدبلوماسيون إعادة فرضها.
وهكذا ستملي روسيا، من الآن فصاعدا، رؤيتها في أي اتفاق في سوريا، ففي الوقت الذي تكرر فيه أمريكا نفس الطلب، فرض الهدنة على كامل الأراضي السورية، تصر موسكو على أن جبهة النصرة وتنظيم الدولة غير معنيين بوقف إطلاق النار، لتبرر قصف طائراتها والطائرات السورية لحلب في خرق واضح للهدنة، بتعلة وجود جبهة النصرة في المدينة.
مقالات
مركز الشرق العربي