نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا حول الأزمة التي يعيشها حزب الله اللبناني، قالت فيه إن الحزب أضعفته الاختراقات الأمنية الأجنبية التي تعرض لها، حيث يعاني من شح الدعم المادي الذي كان يصله من إيران.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21“، إن الثورة السورية أضعفت الحزب من جوانب عدّة، أهمها الاختراقات الأجنبية وانقطاع الإمدادات العسكرية من إيران، التي كانت تصله عبر حليفه التقليدي بشار الأسد.
ونقلت عن تيمور غوكسل، الإطار السابق في الأمم المتحدة، قوله إن “حزب الله لا يمكنه أن يتخلى عن بشار الأسد ولكنه يعجز عن أن يشرح لأنصاره التناقض في المواقف بين دعمه ثورة البحرين وقمعه ثورة الشعب السوري”.
وقال التقرير إن الحزب، إبّان انطلاق الثورة السورية، كان قد طرح موضوع التضييق على الحريات وانتشار الفساد تحت حكومة دمشق، وقد ناقشت قيادات الحزب خطر الوقوف ضد الربيع العربي وضد مطالب الحرية والكرامة.
وفي هذه الأسابيع المقبلة أيضا ستعقد اجتماعات ليلية تجمع قادة الحزب لمناقشة مسائل مصيرية للحزب، من أبرزها “هل يجب أن ندعم بشّار الأسد بالمقاتلين إذا ما تعرض لهجوم من دولة أجنبية؟”.
وذكرت الصحيفة أن من مشاكل الحزب؛ تباين المواقف في السياسة اللبنانية بين الوزير الشيعي والقيادي محمد فنيّش، والنائب والقيادي بالحزب علي فيّاض، وبين الأمين العام حسن نصر الله، الذي يواجه تحديات كثيرة داخل حزبه.
ومن أبرز تلك التحديات قلة الدعم المادي، حيث يقول رجل أعمال شيعي بجنوب لبنان: “حزب الله لم يعد يملك الكثير من المال، بعد أن خفّضت إيران من الدعم الذي تقدمه له بنسبة 25 بالمائة، والذي كان يبلغ 350 مليون دولار سنوياً، وجاء قرارها هذا بعد أن أصبحت عرضة للعقوبات الدولية”.
كما أن التبرعات التي كان الحزب يتلقّاها من قبل العائلات الشيعية في الخارج قلت كثيرا، بسبب الضغوطات الكبيرة التي يمارسها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، باعتبار أن حزب الله موجود على قائمة المنظمات الإرهابية بالنسبة لأمريكا.
وقالت الصحيفة إن عددا من الدول التي ينشط فيها شباب شيعي يدعم حزب نصر الله، قد زادت من ضغوطها المحلية على أولئك الشباب، خاصة الدول الأفريقية والأمريكية الجنوبية.
ونقلت الصحيفة عن السياسي فؤاد مارزومي، حول أسباب تناقص الدعم المالي، قوله: “حتى سنة 2006 كانت العائلات الشيعية بالمهجر تدفع “زكاة” مالها للحزب، ولكن منذ تصنيف الحزب كتنظيم إرهابي أصبحت هذه العائلات تفكر مرتين قبل أن تدفع مالها”.
وأضاف رجل الأعمال الشيعي قائلا: “إن الموقف العام الشيعي المساند لحسن نصر الله تسبب في طرد عائلات كثيرة من منطقة الخليج، حيث بلغت مشاعر العداء للشيعة أوجها منذ فترة”.
وقالت الصحيفة إن إيران تدفع ما يقرب من 50 مليون دولار سنويا لفائدة فصائل فلسطينية، بهدف التصدي للدعم السني الذي تقدمه المملكة العربية السعودية. وقد بلغ الفساد المالي في الحزب مراحل متقدمة، ما اضطر حسن نصر الله للخروج عن صمته والتنديد بأفعال عز الدين صالح، رجل الأعمال اللبناني، الذي اختلس 1.6 مليون دولار من أموال الحزب.
وأفادت الصحيفة بأن الحزب قرر أن يسمح للعائلات الشيعية التي تقطن بوادي البقاع، وهو من أهم المناطق الخصبة بلبنان، بزراعة المخدرات بهدف تغطية النقص المالي في الحزب.
وفي إطار التحقيق في مقتل الحريري، هنالك أربع قيادات في الحزب متهمة بالمشاركة بشكل غير مباشر في هذا الاغتيال، وقد سجّلت لهم زيارات منتظمة للحريري في خريف 2004، بهدف التجسس عليه لصالح ضباط سوريين، وكانت لهم علاقة وثيقة بعماد مغنية، الذي تم اغتياله في سنة 2008 بدمشق.
وقالت الصحيفة إن حسن نصر الله يعيش حالة حزن، بعد أن اكتشف خيانة تعرض لها صديقه عماد مغنية، الذي تمت تصفيته بعد محاولته اختراق لواء شقيق بشار الأسد، ماهر الأسد.
وقالت الصحيفة إنه منذ ذلك الوقت وحسن نصر الله غاضب على قيادات الحزب، وكان مصطفى مغنية، ابن عماد مغنية، ضحية هجوم غامض في منطقة من المفترض أنها تحت سيطرة حزب الله.
وقد اعترف الأمين العام للحزب في حزيران/ يونيو بأن أجهزة المخابرات الأمريكية ترتع في أروقة الحزب، ولهذا الغرض تم استجواب 110 أعضاء من كوادره. وأضافت الصحيفة أن الحزب أخذ تدابير احتياطية، في ما يخص اتصالاته مع النظام السوري، فالكتائب المقاتلة التابعة للحزب لم تعد تستخدم الاتصال المباشر كما حصل خلال حرب 2006، بل تستخدم البريد الإلكتروني ومقاطع الفيديو.
عربي21